Insignia identificativa de Facebook

Translate

1ـ تاريخ الموسيقى


ديسمبر 2002


تختلف الناس فى أذواقها، لكن الجميع يطرب للموسيقى. حتى أنه قيل أن من لم يهزه العود وأوتاره، هو عديم الحس لا رجاء فيه. وقيل من ضمن ما قيل أن الموسيقى هى غذاء الروح.

وعندما قسموا الفنون وصنفوها، إتفق الجميع على أن الموسيقى هى الفن الأول بلا منازع.

وفى لقاء إذاعى مع الموسيقار محمد عبد الوهاب، إستشهد بالقرآن الكريم، حين قال أن الخالق سبحانه وتعالى، قدم السمع على البصر فى الآية الكريمة، لكون السمع هو أول حاسة يدركها الإنسان وتؤثر فيه، ومن هنا تأتى قيمة الموسيقى وتأثيرها عليه.

ومن شدة تأثير الموسيقى، وصل بعض الأصوليين لحد القول بتحريمها، مستشهدين ببعض الأحاديث النبوية الشريفة (وإن لم يتفق تماماً عليها) وأن حتى الرسول عليه الصلاة والسلام، تشتت تركيزه ذات مرة وهو يصلى، لسماعه صوت آلة تشبه الناى.

من كل هذا وغيره، فكرت أن نتعرف معاً على الموسيقى، وبخاصة، الموسيقى الكلاسيكية العالمية، وقوالبها المختلفة، خاصةً، بعد أن لاحظت أن كثيرين من الناس، وليس فقط نحن؛ ذو الثقافة والأذن الشرقية، يجهلون الكثير عن هذا النوع من الموسيقى، والذى يعتبر أساساً لكل مانسمعه فى أيامنا هذه. وقد يعتقد البعض، أن موسيقانا المعروفة بإسم الموسيقى الشرقية، لا تمت بصلة للموسيقى الكلاسيكية العالمية، ولكن هذا ليس صحيح، على الرغم من إختلاف النوتة الشرقية نوعاً ما عن الغربية، فكلاهما يتبع تقريباً نفس الأصول، والإختلاف بينهما أساساً يكون فى الإيقاع، وفى أسماء النغمات. لكن الأصول واحدة، وتزيد عليها موسيقانا الشرقية ببعض النغمات الإضافية التى لا توجد فى الموسيقى الغربية.

فى الموسيقى الكلاسيكية .. نسمع عن أسماء مثل الكونشرتو، والسيمفونية، والسوناتا، والأوبرا، والباليه، وغيرهم من الأسماء. وهذه كلها أسماء قوالب. كما نسمع عن موسيقى عصر النهضة، وموسيقى الباروك، والموسيقى الكلاسيكية، وأسماء أخرى غيرها، وهى أسماء لعصور مختلفة، إختلفت فيها أساليب وضع الألحان، وتوزيعها على آلات الأوركسترا. كما نسمع عن أسماء لملحنين مثل بيتهوفن وباخ وتشايكوفسكى وفردى، والعديد العديد من الأسماء، وهى أسماء عاشت حتى يومنا هذا، بفضل نبوغ أصحابها وشدة أحاسيسهم التى ظهرت فى ألحانهم بوضوح، وكل منهم كانت له سمات مميزة وشخصية مستقلة، تجعل المستمع يتعرف على المؤلف فور سماعه اللحن دون عناء، وليس كما نسمع اليوم من مطربينا وموسيقينا الموجودين على الساحة حالياً، الذين تتشابه أغانيهم لدرجة كبيرة، ويصعب التفريق بينهم بكل أسف.

ونبتدى الحكاية ..

صلى على النبى .. كان ياما كان، فى سالف العصر والأوان، كان فيه زمان ....

(موسيقى تصويرية لزوم الفلاش باك ومصاحبة لصوت الراوى)

عرف الإنسان الموسيقى منذ بدء الخليقة عن طريق الأصوات المحيطة به، من صوت رياح إلى صوت الماء إلى صوت حركة أوراق الشجر، إلى أصوات الحيوانات إلى آخره. بدأ فى إكتشاف قدرته على تقليد تلك الأصوات، سواء بصوته هو نفسه أو من خلال الطرق على بعض الأشياء. ثم بدأ فى تطويرها، وتكييفها حسب إحتياجه وحسب قدرته تدريجياً، إلى أن أتى الفراعنة بحضارتهم وإمكاناتهم الكبيرة، وصمموا بعض الآلات التى تعد أساساً لمعظم الآلات الموسيقية المعروفة حالياً.

لم يترك الفراعنة نوت موسيقية أو موسيقى مسجلة لنعرف من خلالهما كيف كانت موسيقاهم، لكن يمكن تخيلها من خلال رسومات الآلات المستخدمة، ورسومات الرقصات التى سجلوها على جدرانهم. وقد يتعجب البعض لهذا القول بطبيعة الحال .. لأن تخيل الموسيقى من مجرد النظر إلى لوحة مرسومة، هو أمر صعب. لكن المتخصصين ـ وأقصد بهم المؤرخين والباحثين الموسيقيين ـ لهم وسائلهم إضافة لما يتمتعون به من نظرة خاصة تختلف عن نظرة الناس العادية. فهم يعرفون مثلاً، أن اللحن الفولانى، والذى يصاحبه إيقاع علانى، تكون رقصته شكلها كذا، وحركات الراقصين عليه كذا. ويوجد علم إسمه الرقص الإيقاعى، والحركات الإيقاعية ـ لا علاقة لهما طبعاً بالرقص البلدى ـ وبهذا العلم، المحسوبة خطواته بدقة، (مثل رقص الباليه)، يمكن تخيل الموسيقى حتى دون أن نسمعها.

مثلاً .. لو وضعنا شريط فيديو لرقصة باليه، دون أن نضع الصوت، وبمعرفة بسيطة عن فن الباليه، يمكننا التعرف على العمل وعلى القصة.إضافة إلى ذلك؛ فالمؤرخين الموسيقيين، يضعون فى إعتباراتهم الجو الحضارى العام المصاحب، ويدرسون أقدم النوت الموسيقية المتوفرة لديهم، من موسيقى البلد (مصر)، ومن الآلات المرسومة، وحركات الراقصين والراقصات المرسومة، والبيئة المحيطة، والنوت المتوفرة، فيستطيعوا فى النهاية تخيل تلك الموسيقى لذاك العصر. وبالطبع فالنتيجة ليست صحيحة مائة بالمائة، لكنها مقبولة. لذلك سنجد أن كل من وضعوا موسيقى تصويرية للأفلام التى تتعرض لفترات العصر الفرعونى، قد وضعوا موسيقى متشابهة، وتوحى جميعها للمستمع بتلك الفترة.

المهم ..

إنتقلت تلك الآلات منهم إلى كل بقاع العالم، وإمتزجت مع غيرها من الآلات التى وجدت فى تلك البقاع آنذاك، وطور أهل كل منطقة آلته حسبما تراءى لهم، إلى أن إستقرت الآلات على الشكل المعروف حالياً.

وقد سخر فنانو كل منطقة آلاتهم تلك، لإفراز الموسيقى التى تعبر عنهم وعن بيئتهم. ومن هنا نجد الفروق بين موسيقى الشعوب، على الرغم من التشابه الكبير فى الآلات المستخدمة. ولا يعرف الكثير عن الألحان الموسيقية الغربية (محور قصتنا) فى كل العصور وحتى القرن الحادى عشر الميلادى، حيث عُثِرَ على بعض النوت الموسيقية القديمة، ونبذات مقتضبة عن بعض الموسيقيين. ونفس الشئ بالنسبة للموسيقى العربية، وإن كان الحال أفضل قليلاً بالنسبة لبعض أسماء الموسيقيين العرب من أمثال "زرياب" المصري الأصل (أعتقد ولست متأكداً، انه كان فى القرن الثامن أو التاسع الميلادى)، والذى فر هارباً إلى الأندلس، حيث طور آلة العود بإضافة وتر سادس له، وجعل منه آلة جديدة هى الجيتار المعروف حالياً .. وللعلم .. النطق الصحيح للجيتار بلغته الأصلية وهى الأسبانية هو: "الجيتارة"، وهو تحريف لكلمة "القيثارة" العربية المعروفة، وهى أصل الآلة كما نعرف.

وعلى ذلك، فتأريخ الموسيقى، يبدأ عادةً من القرن الحادى عشر، وعليه العوض فيما سبقه.


إستراحة ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق