Insignia identificativa de Facebook

Translate

أزمات الحكومة الأسبانية في عامين


28/12/2018
مع بدء إحتفالات الشعب الاسباني بأعياد الميلاد ونهاية سنة وبداية عام جديد. قرر بدرو سانشِث رئيس الوزراء الاسباني، عقد إجتماع حكومته يوم 21 ديسمبر الجاري، فى مقرها البرشلوني وليس فى مقرها الدائم فى العاصمة مدريد ـ لأول مرة منذ 40 سنة ـ وأقرن الإجتماع بإجتماع آخر ثنائى يجمعه مع رئيس إقليم كتالونيا الاسباني جواكيم تورا، وهو شخصياً أحد زعماء الإنفصال بإقليمه عن اسبانيا هذا القرار أتى قبل موعد الإجتماع بأيام وبشكل مفاجئ، أذهل جميع أطراف الصراعات الداخلية الاسبانية العديدة، وعلى رأسها صراع الإنفصال المستعر منذ أكثر من سنة فى إقليم كتالونيا الواقع شمال شرق اسبانيا جنوب الحدود الفرنسية

المغزى من قراره كما وصفته المتحدثة باسم الحكومة، هو التأكيد على سيادة أسبانيا على الإقليم الكتالاني من جهة. وإظهار مشاعر الود للشعب الكتالاني ـ وبخاصة ـ الإنفصاليين منهم من جهة أخرى. وبأن اللقاء الثنائي هو للتأكيد على رغبة االحكومة فى حل مشاكل كتالونيا بشكل ودي داخل إطار الدستور الاسباني. فور الإعلان؛ قررت الجماعات الإنفصالية الكتالانية تحركاً فى نفس ذات اليوم، للسيطرة على مفاصل الإقليم. بقطع الطرق وإيقاف المواصلات وإحتلال الأماكن الحكومية والتظاهر والإعتصام ونشر الأعلام واللافتات الإنفصالية، التى منها ما يهين الدولة الاسبانية. وبدأوا التحركات فعلاً قبل الموعد بحوالى أسبوع على نطاق محدود. تزايد مع مرور الوقت وصولاً لأقصاه يوم 21 من ناحية أخرى، عززت الدولة إجراءاتها الأمنية فى الأماكن العامة والحساسة، ودفعت بالآلاف من القوات الأمنية لضمان ذلك. وجاء اليوم الموعود ـ حيث شهد بعض أعمال العنف، أدت إلى إصابة 65 شخصاً، 35 منهم من قوات الأمن. إضافة إلى تعرض بعض الصحفيين والمراسلين لقنوات تليفزيونية اسبانية للإعتداء بالضرب والإهانة من قبل الإنفصاليين. كما أدى إلى تعطيل المرور وغلق الشوارع الكبيرة والمتاجر في عدد لا بأس به من مدينة برشلونة وبعض المناطق الأخرى من الإقليم الكتالاني. ألقت المتحدثة بإسم الحكومة بياناً صحفياً عقب إنتهاء الإجتماعين. تحدثت فيه بلهجتها الهادئة المعروفة عنها، عن إيجابيات اليوم ـ وكأن شئ آخر لم يحدث ـ وكان مضمون ما أعلنت، مجرد قرارات وزارية عادية. أضافت إليها تعليقاً وحيداً عن لقاء سانشِث بتورا، وهو أنهما إتفقا على لقاء آخر فى شهر يناير يحضره ممثلين عن الحكومة الأسبانية والحكومة الكتالانية. إضافةً لكلام عن التفكير فى تعديل الدستور الأسباني، وكذلك إعطاء مزيد من الإستقلالية لإقليم كتالونيا. هذا البيان جعل الأحزاب المعارضة تشتاط غضباً أكثر من ذى قبل. لأنهم اعتبروه تخاذلاً وإستسلاماً لمطالب الإنفصاليين الإنقلابيين. وإنهاء للسيادة الدستورية على أرض اسبانية. وكرروا مطالبتهم لرئيس الوزراء بإجراء إنتخابات رئاسية فوراً. فهو رئيس مؤقت لتسيير الأمور فقط. أتى بعد عزل الرئيس السابق راخوي منذ أقل من سنة. والذي تم عزله برلمانياً لكثرة فضائح الفساد بين أعضاء حكومته وحزبه. والذين صدرت أحكام قضائية بشأن بعضهم. وعليه، فلا يحق له ـ أي لسانشِث ـ الإستمرار لنهاية الدورة الإنتخابية الحالية. خصوصاً مع قراراته فى شتى الأمور، التى لم يوافق على أي منها حتى الآن، لا البرلمان ولا مجلس الشيوخ. وبالأخص، سلوكه مع قادة الإنفصال فى كتالونيا. الذى يعتبرونه مهيناً لأقصى درجة. ومن شأنه إنهاء الدولة الاسبانية بوضعها الحالي. وطالب الحزبان الأكثر شعبية فى اسبانيا حالياً ـ وهما حزبان يمينيان ـ بتطبيق البند 155 من الدستور على إقليم كتالونيا من جديد. بصرامة أشد من ذي قبل. وهو البند الدستوري القاضي بوقف صلاحيات الحكم الذاتي فى أي إقليم يخرج قادته عن سيطرة الدولة الاسبانية. ومن داخل كتالونيا، تقدمت أريماداس زعيمة الحزب صاحب الشعبية الأكبر فى كتالونيا حسب نتائج آخر إنتخابات. وهو حزب مواطنون، الدستوري المناهض للإنفصاليين، بدعوى قضائية ضد تورا الرئيس الكتالاني، لاحتضانه الجماعات الإنفصالية المشاغبة ودعمه لهم وإثارتهم وحثهم على مزيد من الضغط بكل الوسائل ضد اسبانيا ومؤيديها داخل كتالونيا. بهذه الأزمة الكتالانية الخطيرة، التى لا نهاية سلمية منظورة لها، إلا بحل يسفر عن بقاء الإقليم، كجزء لا يتجزأ من الدولة، وفى نفس الوقت، يوفر للإنفصاليين حلولاً لمشاكلهم الحياتية، تثنيهم عن فكرة الإنفصال ـ ولو مؤقتاً ـ يعيش بدرو سانشِث وحكومته الإشتراكية المؤقتة، هاجس الإطاحة به وبحزبه من الحياة السياسية كلها فى أي لحظة. ويُضاف إليها؛ أزمة الحكومة والنقابات العمالية من جهة، وباقي الأحزاب داخل البرلمان من جهة أخرى، حول قرار زيادة الحد الأدنى للأجور والمعاشات، بينما معدل النمو الإقتصادي لم يزد. ويُضاف إليها مشكلة زيادة الضرائب لتغطية العجز فى الميزانية. وكذلك مشكلة المهاجرين غير الشرعيين المتزايدين بصورة غير مسبوقة فى أسبانيا. ومشكلة إرتفاع معدل البطالة. وأزمة السيادة على مدينة جبل طارق، التى تحتلها بريطانيا منذ قرون ولا تكف أسبانيا عن المطالبة بها. والتى كانت هادئة نسبياً فى ظل الإتحاد الأوروبي الذي يلغي الحدود السياسية والتعريفة الجمركية بين الدول الأعضاء. لكنها احتدمت بإعلان بريكست القاضى بخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبى ... وغيرها من المشكلات .. فمنذ أن نجح بدرو فى جمع أصوات المعارضة لإقالة رئيس الوزراء السابق مانويل راخوي في الربع الأول من هذا العام 2018 وإعتلاء المنصب. لم يتمكن من تمرير أي من برامجه وخططه عبر البرلمان. ولا عبر مجلس الشيوخ. واضطُر لتمرير بعضها بقرارات وزارية حسبما يتيح له الدستور. فالواقع هو أن شعبية الحزب الإشتراكي العمالي الذى يتزعمه سانشيث حالياً، فى تدهور كبير منذ سنوات. وهي حالياً فى أسوأ مستوياتها. وخصوصاً بعد ظهور حزبين جديدين منذ قرابة العشر سنوات. هما حزب مواطنون اليمينى، وحزب قادرون اليساري. واللذان يتنافسان على إستقطاب جماهير الحزبين التقليديين فى أسبانيا، وهما الحزب الإشتراكي العمالى، والحزب الشعبي. ولهذا التدهور في شعبية حزبه، كان عليه أن يلجأ إلى الأحزاب الإنفصالية الكتالانية والباسكية، بما لديهما من شعبية وأصوات كبيرة نسبياً داخل البرلمان الأسباني. إضافةً إلى رفعه شعار "نحن اليسار" ليقنع بابلو إجليسياس زعيم حزب قادرون الشيوعي الصاعد بالتحالف معه. وبقدر ما نجحت تلك التحالفات فى ربيع 2018 فى إقصاء الحزب الشعبي عن الحكم، إلا أنها أقلقت غالبية الشعب الأسباني الذي لا يرغب فى تمكين أو حتى مهادنة من يسعون لإنفصال أي جزء من أراضيه، وهو ما يسعى إليه الإنفصاليون الكتالان والباسك صراحةً. وكذلك الثوريون الراغبون فى إنهاء الحكم الملكي والتحول إلى الحكم الجمهوري. فكان هذا التحالف ذاته، هو الأمر الذي عرقل وسيعرقل حكومة الحزب الإشتراكي الحالية، سواء فى السياسة الخارجية أو الداخلية. بل أكثر من هذا؛ لا يألو الحزب الشعبي المعزول عن الحكم مؤخراً، بما له من شعبية كبيرة فى أنحاء اسبانيا، ولا حزب مواطنون الصاعد بقوة ملفتة، على طلب إجراء إنتخابات مسبقة، وعدم إنتظار نهاية الفترة الرئاسية المعتادة. ولأن قرار إجراء الإنتخابات المسبقة، لا يصدر إلا من رئيس الوزراء أو من الملك. فمن غير المتوقع أن تُجرى قبل موعدها المحدد فى 2020 ـ إلا إذا ـ تمكنت القوى الرافضة لإستمراره من حشد الجماهير فى الشوارع. أما إقليم كتالونيا الذي يسعى بعض مواطنيه إلى الإنفصال، فالأمر يزداد تعقيداً بمرور الوقت. حيث كان المؤيدين داخله للإنفصال منذ عام واحد، أقلية مطلقة. لكن مع تصاعد الأحداث، ومع بلوغ المراهقين لسن التصويت، فقد إقتربوا اليوم من نسبة الخمسين بالمائة. وهو ما يعني زيادة فرصتهم فى تمرير الإستفتاء على الإنفصال لصالحهم، فى حال إجرائه بعد شهور. وهو أمر إن حدث، فلن يقبل به باقي الشعب الكتالانى ولا الشعب الأسباني ولا باقى الأحزاب ولا الملك. بل ولا حتى الإتحاد الأوروبي. وقد يؤدي إلى صدامات دموية عرفها الشعب الأسباني ولا تزال حاضرة فى ذهنه، فى حربه الأهلية التى استمرت ثلاث سنوات بين 1933 ـ 1936 وانتهت بملايين الضحايا وبتدمير كامل للبلد. جدير بالذكر، أن سياسة الحزب الإشتراكي الذي تمرس فيه بدرو سانشِث، تعتمد على المهادنة والمماطلة والتأجيل وكسب الوقت. لكن هذا لا يُرضي باقي الأحزاب، حيث يروا أن تلك المماطلة، فرضت على سانشِث تنازلات للإنفصااليين، غير مقبولة إطلاقاً. وأيضاً مرفوضة من الإنفصالين أنفسهم، لأنهم يروا أنها تعطيل لمطالبهم، واللاتى على رأسها الإفراج عن المسجونين بتهمة محاولة الإنقلاب على الدستور والحكم. والمتوقع هو إستمرار حالة عدم الإستقرار السياسي فى كتالونيا خلال العام القادم 2019 نظراً لعناد رئيس الوزراء الاسباني سانشِث، وإصراره على الاستمرار فى الحكم لنهاية الدورة الإنتخابية. مع إستمرار معارضة الأحزاب المعارضة لقراراته داخل البرلمان، مما سيعطل غالبية الإتفاقات التى قد يتخذها سانشِث مع تورا. وبالتالي ستستمر المشاحنات بين الإنفصاليين والدستوريين داخل الإقليم. بل قد يزداد فيه التوتر، لأن الدستوريين قد فاض بهم الكيل من سخافات الإنفصاليين. وبدأ بعضهم ينضم لجماعات يمينية متطرفة منادية بالقومية الأسبانية على غرار النازيين الجدد وغيرها فى بلدان أخرى. وهي فرضية ظهرت إرهاصاتها خلال هذا الشهر الجاري "ديسمبر"، حينما فاز حزب صوت الشعب بعدد لا بأس به من المقاعد فى إنتخابات إقليم الأندلس الذي كان الحزب الإشراكي يهيمن عليه تماماً على مدار 40 سنة متتالية. وحزب صوت الشعب هذا، مُصنف على أنه يميني عنصري متطرف. وتفسير نجاحه فى منطقة نفوذ الحزب الإشتراكي، هو غضب وسأم المواطنين من سياسات الإشتراكيين. وناقوس إنذار لهم بتوالي سقوطهم فى باقى المقاطعات السبعة عشر المكونة للمملكة الأسبانية. والتى تتأرجح شعبيتهم فيها دائماً وليست ثابتة كإقليم الأندلس. أغلب الظن إذاً، أن الجدل السياسي الداخلي المضطرب فى اسبانيا سيستمر عاماً آخر، أى لنهاية 2019. لكنه قد يشهد أحداث مثيرة وتاريخية، كتعديل بعض بنود الدستور. وكفوز حزب مواطنون اليمينى الصاعد فى إنتخابات المحليات لأول مرة. أو على أقل تقدير، سيتربع على مقاعد المعارضة الأقوى فى كل الإنتخابات القادمة. وسيشاركه الحزب الشعبي فى معظم الحالات لتقارب أيديولوجيتهما. بينما سيقف حزب قادرون مع الحزب الإشتراكي بين المركزين الثالث والرابع. بإستثناء إقليمي كتالونيا والباسك، حيث سيكون للأحزاب الإنفصالية دوراً ومركزاً هاماً فيهما كعادتهما. وكما تحولت معظم البلدان الأوروبية مؤخراً إلى الأحزاب اليمينية الرأسمالية المحافظة، ستسري نفس الموجة فى أسبانيا خلال العام الجديد.

أسبانيا على صفيح ساخن


22/12/2018




مع بدء إحتفالات الشعب الاسباني بأعياد الميلاد ونهاية سنة وبداية عام جديد. قرر بدرو سانشث رئيس الوزراء الاسباني، عقد إجتماع حكومته يوم 21 ديسمبر الجاري، فى مقرها البرشلوني وليس فى مقرها الدائم فى العاصمة مدريد ـ لأول مرة منذ 40 سنة ـ وأقرن الإجتماع بإجتماع آخر ثنائى يجمعه مع رئيس إقليم كتالونيا الاسباني جواكيم تورا، وهو شخصياً أحد زعماء الإنفصال بإقليمه عن اسبانيا.


هذا القرار أتى قبل موعد الإجتماع بأيام وبشكل مفاجئ، أذهل جميع أطراف الصراعات الداخلية الاسبانية العديدة، وعلى رأسها صراع الإنفصال المستعر منذ أكثر من سنة فى إقليم كتالونيا الواقع شمال شرق اسبانيا جنوب الحدود الفرنسية.

المغزى من قراره كما وصفته المتحدثة باسم الحكومة، هو التأكيد على سيادة أسبانيا على الإقليم الكتالاني من جهة. وإظهار مشاعر الود للشعب الكتالاني ـ وبخاصة ـ الإنفصاليين منهم من جهة أخرى. وبأن اللقاء الثنائي هو للتأكيد على رغبة االحكومة فى حل مشاكل كتالونيا بشكل ودي داخل إطار الدستور الاسباني.

لم يلق هذا التصريح أي ترحيب من الإنفصاليين الكتالان. ولا من الأحزاب الاسبانية المعارضة. فالإنفصاليون وصفوه بأنه ترسيخ لما وصفوه بالإحتلال الاسباني لمقاطعتهم. والأحزاب المعارضة ـ ذوات الأغلبية فى البرلمان الاسباني ـ اعتبروه إهانة للدولة، بعد كل ما جرى من الإنفصاليين الكتالان خلال الشهور الأخيرة فى حق اسبانيا وملكها ودستورها وحكومتها. بل وفى حق غالبية الكتالان الغير راغبين فى الإنفصال.

فور الإعلان؛ قررت الجماعات الإنفصالية الكتالانية تحركاً فى نفس ذات اليوم الموعود، للسيطرة على مفاصل الإقليم. بقطع الطرق وإيقاف المواصلات وإحتلال الأماكن الحكومية والتظاهر والإعتصام ونشر الأعلام واللافتات الإنفصالية، التى منها ما يهين الدولة الاسبانية. وبدأوا التحركات فعلاً من قبل الموعد بحوالى أسبوع على نطاق محدود ومؤقت. تزايد مع مرور الوقت وصولاً لأقصاه يوم 21

من ناحية أخرى، عززت الدولة إجراءاتها الأمنية فى الأماكن العامة والحساسة، ودفعت بالآلاف من القوات الأمنية لتنفيذ ذلك.

وجاء اليوم ـ حيث شهد بعض أعمال العنف، أدت إلى إصابة 65 شخصاً، 35 منهم من قوات الأمن. إضافة إلى تعرض بعض الصحفيين المراسلين لقنوات تليفزيونية اسبانية للإعتداء بالضرب والإهانة من قبل الإنفصاليين. كما أدى إلى إهانة وضرب سيدة حاولت نزع بعض لافتات الإنفصاليين من أمام منزلها. وإلى تعطيل المرور وغلق الشوارع الكبيرة والمتاجر في عدد لا بأس به من مدينة برشلونة وبعض المناطق الأخرى من الإقليم الكتالاني.

ألقت المتحدثة بإسم الحكومة بياناً صحفياً عقب إنتهاء الإجتماعين. تحدثت فيه بلهجتها الهادئة المعروفة عنها، عن إيجابيات اليوم ـ وكأن شئ آخر لم يحدث ـ وكان مضمون ما أعلنت، مجرد قرارات وزارية عادية. أضافت إليها تعليقاً وحيداً عن لقاء سانشث بتورا، وهو أنهما إتفقا على لقاء آخر فى شهر يناير يحضره ممثلين عن الحكومة الأسبانية والحكومة الكتالانية. إضافةً لكلام عن التفكير فى تعديل الدستور الأسباني، وكذلك إعطاء مزيد من الإستقلالية لإقليم كتالونيا.

هذا البيان جعل الأحزاب المعارضة الأسبانية تشتاط غضباً أكثر من ذى قبل. لأنهم اعتبروه تخاذلاً وإستسلاماً لمطالب الإنفصاليين الإنقلابيين. وإنهاء للسيادة الدستورية على أرض اسبانية. وكرروا مطالبتهم لرئيس الوزراء بإجراء إنتخابات رئاسية فوراً. لأنه رئيس مؤقت لتسيير الأمور فقط. أتى بعد عزل الرئيس السابق راخوي من حوالي سنة. والذي تم عزله برلمانياً لكثرة جرائم الفساد فى أعضاء حكومته وحزبه. وعليه، فلا يحق له ـ لسانشث ـ الإستمرار لنهاية الدورة الإنتخابية الحالية. خصوصاً مع قراراته فى شتى الأمور، التى لم يوافق البرلمان على أي منها حتى الآن. وبالأخص، سلوكه مع قادة الإنفصال فى كتالونيا. الذى اعتبروه مهيناً لأقصى درجة. ومن شأنه إنهاء الدولة الاسبانية بوضعها الحالي. وطالب الحزبان الأكثر شعبية فى اسبانيا حالياً ـ وهما حزبان يمينيان ـ بتطبيق البند 155 من الدستور الأسبانى على إقليم كتالونيا من جديد. بصرامة أشد عن ذي قبل. وهو البند الدستوري القاضي بوقف صلاحيات الحكم الذاتي فى أي إقليم اسباني يخرج قادته عن سيطرة الدولة الاسبانية.

ومن داخل كتالونيا، تقدمت أريماداس زعيمة الحزب الأكثر شعبية فى كتالونيا، وهو حزب دستوري مناهض للإنفصاليين، تقدمت بدعوى قضائية ضد تورا الرئيس الكتالاني، لاحتضانه الجماعات الإنفصالية المشاغبة ودعمه لهم وإثارتهم وحثهم على مزيد من الضغط بكل الوسائل ضد اسبانيا ومؤيديها داخل كتالونيا.

تلك هي أهم أخبار الساعة فى اسبانيا .. إضافة لأزمتها مع بريطانيا حول السيادة على مدينة جبل طارق فى جنوب اسبانيا. وإضافة لأزمة الحكومة والنقابات العمالية من جهة، وباقي الأحزاب داخل البرلمان من جهة أخرى، حول قرارات زيادة الحد الأدنى للأجور، والمعاشات، والضرائب، والمهاجرين غير الشرعيين، والبطالة، وغيرها من المشكلات.

والمتوقع هو استمرار حالة عدم الإستقرار السياسي فى كتالونيا ـ بحد أدنى ـ لنهاية العام القادم 2019 نظراً لعناد رئيس الوزراء الاسباني سانشث، وإصراره على الاستمرار فى الحكم لنهاية الدورة الإنتخابية. مع إستمرار معارضة الأحزاب المعارضة لقراراته داخل البرلمان، مما سيعطل غالبية الإتفاقات التى قد يتخذها سانشث مع تورا. وبالتالي ستستمر المشاحنات بين الإنفصاليين والدستوريين داخل الإقليم. بل قد يزداد فيه التوتر، لأن الدستوريين قد فاض بهم الكيل من سخافات الإنفصاليين. وبدأ بعضهم ينضم لجماعات يمينية متطرفة منادية بالقومية الأسبانية كالنازيين الجدد وغيرها.

اليمين واليسار الأسباني

3 ديسمبر 2018

بإختصار غير مخل ..
مع الحرب الأهلية الأسبانية التى انتهت سنة 1939 حكم البلاد القائد فرانكو منذ بداية الحرب سنة 1936 وحتى وفاته سنة 1975 أى لمدة 39 سنة تقريباً، بنظام حكم يميني ثلاثي الأبعاد: (ديني عسكري شمولي). بوفاته وبعودة الحكم للنظام الملكي طبقاً لوصيته .. إختار الملك خوان كارلوس الأول النظام (الملكي البرلمانى) لحكم البلاد. حيث سمح بوضع الدستور. الذى سمح بدوره بإنشاء الأحزاب وتبادل السلطة التى يديرها رئيس الوزراء من خلال الإنتخابات. وأيضاً، قسم الدستور الدولة إلى 17 إقليم، يكون كل منهم متمتعاً بالحكم الذاتي، تحت إشراف وإدارة الحكومة المركزية ومقرها العاصمة مدريد.
في أول إنتخابات بعد إقرار الدستور، ظهرت عدة أحزاب، بعضها قومي محلى، أى مهتم بالإقليم الناشئ منه فقط. وبعضها قومي شمولي، أى مهتم بأسبانيا ككل.
وهذه الأحزاب جميعها، كان منها ذو الميول اليسارية وأخرى ذو الميول الوسطية، وأخرى ذات ميول يمينية.
فاز فى الإنتخابات العامة بإكتساح آنذاك ـ أى فى انتخابات 1982 ـ الحزب العمالي الإشتراكي، وهو حزب يسار الوسط. وتلاه مباشرةً فى عدد الأصوات، الحزب الشعبي، وهو حزب يمين الوسط، والذى كان مؤسسه وقادته وغالبية اعضاؤه، من رجال النظام السابق اليميني (الديني العسكري الشمولي). وهنا إتضح إستمرار الشعب الأسباني على إنقسامه السابق للحرب الأهلية فى ثلاثينيات القرن العشرين.
إستمر فوز وحكم الحزب العمالي الإشتراكي لثلاث دورات متتالية وحتى 1996. نجح خلالهم فى نقل أسبانيا من مستوى تحت الفقر إلى مستوى الدولة الصناعية ذات الأهمية فى وسطها الأوروبى وخارجه.
لأسباب ومشاكل كثيرة، على رأسها الفساد وعدم الوفاء ببعض الوعود الإنتخابية، هبطت شعبية الحزب هبوطاً حاداً، فى مقابل إرتفاع كبير للحزب الشعبي المنافس. الذى فاز فى الدورة التالية من الإنتخابات بنسبة ضئيلة. أرغمته على التحالف مع أحزاب أخرى ليتمكن من الحكم وقتئذ.
هذا التحالف، لم يلق ترحيباً من بعض عناصر الحزب الشعبي، فانشقوا عنه وكونوا أحزاب جديدة. ونفس الشئ حدث من عناصر من الأحزاب المتحالفة معه. ونفس الشئ أيضاً من عناصر من الحزب الإشتراكي العمالي. وهكذا .. حدثت إنشقاقات فى معظم الأحزاب، سواء القومية الأسبانية أو القومية الإقليمية.
في الوقت ذاته؛ كان عدد المهاجرين إلى أسبانيا فى تصاعد ملحوظ. فبعدما كانت أسبانيا مصدرة للمهاجرين خلال القرن العشرين كله. صارت منذ بداية القرن الحالي، قبلة للمهاجرين من كل مكان. في وقت تزامن معه إنشاء الإتحاد الأوروبي بعملته الموحدة، بما له وما عليه من آثار على الداخل الأسباني. وأيضاً إستفحال الأزمة الإقتصادية العالمية، والإرهاب المتأسلم، وإرتفاع نبرة القوميين الإقليميين فى الداخل الأسبانى، كالباسك والكتالان.
من هنا، ضج كثير من الأسبان من تلك الأوضاع، ووجدوا خلاصهم فى الأصوات شديدة التطرف وطنياً وإقتصادياً وإجتماعياً. وبات هؤلاء يخشون على هويتهم من جراء الزيادة في عدد المهاجرين الآتين بهويات ومرجعيات مختلفة. فكانت البداية منذ سنوات فى كتالونيا، كونها تحتضن أكبر نسبة من المهاجرين. بأن ظهر حزب شديد العنصرية اسمه "قاعدة من أجل كتالونيا"، لا هم له سوى إقصاء المهاجرين من أسبانيا كلها, ثم أعقب ظهوره، ظهور أحزاب مشابهة فى الأندلس، ثم فى جاليثيا، ثم فى فالينثيا .. إلى آخره.
تلا ذلك مباشرةً، تصاعد النبرة الإنفصالية فى الأقاليم الحدودية (كتالونيا والباسك) .. مما زاد من غضب الناس وشعورهم بأن الأحزاب التقليدية هى المسؤولة عما وصل إليه الإنفصاليون وما وصلت إليه البلاد عموماً.
ومع هبوط شعبية الحزب الإشتراكي العمالي (يسار الوسط). وكذلك حزب اليسار المتحد (شيوعي معتدل). ظهر حزب جديد اسمه: حزب قادرون (أقصى اليسار). تمكن من جمع أصوات الكثير من الأصوات اليسارية على إختلافها. وبالذات أصوات الشباب المتحمس والغاضب من أنظمة الحكم كلها بصفة عامة، ومن تأثير الكنيسة على السياسة. أو لنقل أنه حزب لكل المتمردين على كل شئ. واستطاع الحزب الحصول على مقاعد كثيرة فى كل الإنتخابات، سواء المحلية أو الإقليمية أو العامة. لكنه لم يتمكن من الوصول للحكم.
مع تقدم هذا الحزب اليساري المتمرد، ظهر فى المقابل حزب مواطنون اليميني (رأسمالي إجتماعي) وهو أقل حدة فى رأسماليته من الحزب الشعبي التقليدي، وأقل إرتباطاً منه بالكنيسة، مما جعله منافساً قوياً وبسرعة مذهلة فى كل الإنتخابات. بل أنه إستطاع إستقطاب أعلام سياسية معروفة بيساريتها.
ومع تصاعد الأصوات الإنفصالية فى عدد من الأقاليم، ظهرت أحزاب إنفصالية قومية يمينية، وأخرى إنفصالية قومية يسارية، ترفض معظمها التحالف مع الأحزاب المثيلة لها على المستوى الأسبانى، ترسيخاً لفكرتهم عن الإنفصال عن الدولة الأسبانية. وقد حققت تلك الأحزاب نجاحات فى داخل أقاليمها.
أدى هذا فى عام 2013 إلى إنشقاق جديد فى الحزب الشعبي اليمينى التقليدي، وظهور حزب جديد اسمه صوت الشعب، المصنف كحزب يمينى متطرف (قومي أسباني ديني محافظ رأسمالي). ولم يتوقع له أكثر المتفاءلين أي نجاح، لتوجهاته المضادة لكل ما يجري على الساحة السياسية والإجتماعية الأسبانية. إلا أنه فاجأ الجميع بالأمس، فى أول إنتخابات يخوضها، بحصد 12 مقعداً فى البرلمان الأندلسي المكون من 109 مقعد. وهو ما جعله متحكماً فى مصير حكم إقليم الأندلس. حيث سيتحالف مع الحزبين اليمينيين الآخرين ليحكم اليمين الأندلس لأول مرة منذ نشأة النظام الإنتخابي فى أسبانيا من 40 سنة. ويدعم معنوياً باقي زملائه فى باقى الأقاليم لتحقيق نتائج أفضل أو مماثلة.
إذاً .. يمكن تلخيص خريطة الأحزاب اليمينية الأسبانية الحالية كالتالي: ـ أحزاب إنفصالية رأسمالية دينية محافظة. ـ أحزاب إنفصالية رأسمالية غير دينية. ـ أحزاب أسبانية رأسمالية دينية محافظة. ـ أحزاب أسبانية رأسمالية غير دينية. ـ أحزاب أسبانية رأسمالية تقبل بالدين فى حدود.
أما خريطة الأحزاب اليسارية الأسبانية فهي كالتالى: ـ أحزاب إنفصالية يسارية غير دينية. ـ أحزاب أسبانية يسارية غير دينية.
حزب الوسط الوحيد على الساحة الأسبانية: ـ حزب أسباني وسطي يميل لليسار لا يمانع فى تواجد الدين ويرفض إشراكه فى السياسة
وبالمتابعة والملاحظة .. أرى أن الحاضر والمستقبل القريب فى السياسة الأسبانية، فى صالح الأحزاب اليمينية على إختلافها. شأنها فى هذا شأن باقي الدول الأوروبية. أما المستقبل الوسيط والبعيد .. فسيكون لصالح الأحزاب اليسارية. لأن الأجيال الجديدة متشبعة بالأفكار المتمردة.

حال عالمنا

12/10/2018


لم يتبق دولياً من معسكر الفكر الشيوعي ـ وإلى حين ـ سوى كوريا الشمالية وبعض الأحزاب ضعيفة الجماهيرية فى بلادها. ومعها بعض المثقفين المهمشين حول العالم.فرضت الرأسمالية نفسها على إقتصاديات العالم، وهيمنت على سياساته.تحول الشيوعييين التقليديين إلى الإشتراكية. والإشتراكيين إلى الرأسمالية.
وفى نفس الوقت .. وعلى العكس ..إنتقل تأييد الهيئات الدينية المختلفة، من تأييد قوي وصريح للرأسمالية، لتأييد خجول للإشتراكية. بعد فقدان تلك الهيئات لمصداقيتها ـ وبالتبعية ـ فقدان كثير من مؤيديها وأتباعها.
وأيضاً ..صعدت فى كل أنحاء العالم، وبقوة .. الأصوات والأحزاب القومية، بعد أن كانت أحزاب منبوذة ومهمشة منذ نهاية النصف الأول من القرن العشرين، وحتى نهاية العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين. بل كانت مُلاحقة أمنياً وشعبياً فى بعض البلدان. واليوم تكتسح كل الإنتخابات وتصل لحكم غالبية البلاد. وتهدد بصراعات جديدة، داخلية وخارجية غير محددة الأدوات ولا النهايات.
ووسط كل هذا ..تتم السيطرة الكاملة على عقول الناس والتحكم فى آرائهم وتوجهاتهم وميولهم وأذواقهم وأمزجتهم الشخصية، من خلال وسائل الإعلام المختلفة .. كما تتم مراقبة كل خصوصياتهم حتى فى غرف نومهم ـ كلامهم وأفعالهم ونواياهم وخطوط سيرهم ـ بوساطة أجهزة يسعون جاهدين بأنفسهم لإقتنائها!! فصار الناس أشبه بالدمى التى يحركونها من خلف الستار.
السياسة العالمية تتخبط. والحدود تختلف. والإقتصاد يتحول. وحتى المناخ، يتغير.عالمنا الذى عرفناه ينتهي. وعالمنا الذي نعيشه يتشكل. وعالمنا القادم مختلف. وغريب.

إختلاف ساعات الصيام

29/5/2018
منذ سنوات وأنا أفكر وأشك شكاً يصل إلى حد اليقين، فى عدم صحة عدد ساعات الصيام حسب التوقيت المحلي

فالخالق اسمه العادل والحق. ولا عدل أو حق في أن تصوم شعوب بعض المناطق حوالى 6 ساعات فقط. بينما شعوب مناطق أخرى تصوم قرابة 23 ساعة يومياً

الدين والقرآن للناس كافة. وليس لسكان المنطقة العربية وما حولها فقط
فكيف يمكن تصديق أن الله سبحانه وتعالى، يجعل الزمن بين شروق الشمس ومغربها بين منطقة وأخرى من العالم، مختلف لهذه الدرجة المهولة الغير معقولة؟؟
بل حتى الإختلاف لدقائق بين محافظة إلى أخرى من نفس البلد، ليس فيه لا حق ولا عدل كيفما يجب أن يكون.
فهل يُعقل أن الخالق سبحانه وتعالى (الحق العدل) يعذب بعض الصائمين بزيادة عدد ساعات صيامهم فى مكان ما أكثر بكثير من الصائمين فى مكان آخر؟؟!!؟؟ وإن إعتقد أحدهم أن فيه هذا عدل .. فكيف يكون هذا العدل؟؟

ما أراه هو أن الإعتقاد بصحة هذا الإختلاف، ليس سوى ظن سيئ فى الله (الرحمن الرحيم).  ففيه تناقض مع صفة الخالق ومع روح الدين ومع المساواة المفترضة فيه. هو إنتفاء كامل للعدل مهما حاول بعضهم تبريره بكلام يفتقد للمنطق وغير مقنع

من هنا، بحثت فى القرآن، ولم أجد فيه ما يقول بما نفعل خطأَ فى ظني منذ مئات السنين
ولم أجد عن ساعات الصوم، إلا الحديث النبوي (صوموا لرؤيته .. إلى آخر الحديث). دون تحديد إن كان المقصود فى كل مكان على حدة، أم فى مكان محدد كنقطة مركزية يسير على ميقاتها جميع من على الأرض
كذلك وجدت فتاوى الأقدمين عن أن رؤيته فى مكان ما من دولة ما، تُلزم سكان باقى مناطق نفس الدولة (مهما إتسعت مساحتها الجغرافية) بالصوم والإفطار حسب ظهور الهلال فى أى منطقة منها. حتى ولو اختلفت الساعة فيها، مثل الولايات المتحدة التى تختلف ساعة  شرقها فى نيويورك مثلا عن غربها فى كاليفورنيا مثلا. ومثل اسبانيا التى تختلف ساعة شبه جزيرتها فى مدريد مثلا، عن جزرها فى كنارياس مثلا. والمدهش .. أن تلك الرؤية ذاتها (لا تلزم الدول المجاورة لها). فلا سلطان لحاكم الدولة الأولى على الدولة الثانية

ومؤكد أنه لو زادت رقعة الدولة ـ أى دولة ـ بضمها للبلاد المجاورة لها وتوحيدها معها، كما كان يحدث فى العصور السابقة. فإن تحديد تاريخ الصيام والافطار سيتوحد أيضا ويشمل الأراضى الجديدة
أي أن تحديد المواعيد مرتبطاً منذ مئات السنين (للأسف الشديد) بالحدود السياسة وليس بالفلك

وأعتقد والله وحده أعلم .. أن حديث صوموا لرؤيته .. كان موجهاُ لعرب شبه الجزيرة العربية كمركزاً لوجود الكعبة هناك. بحيث تكون مواقيت الفجر والمغرب بمكة .. هى نفس مواعيد كل من هم خارجها
بمعنى
لو كان الفجر فى مكة (مثلاً) الساعة الثالثة والنصف صباحاً. والمغرب الساعة الخامسة والنصف مساءاَ .. فيكونا أيضاً الساعة الثالثة والنصف صباحاً والساعة الخامسة والنصف مساءاً .. فى كل مكان على سطح البسيطة

والله أعلم

وإلى أن يهتم رجال الأزهر بهذا الموضوع .. أستمر أنا فى تطبيق ساعات الصوم حسب التوقيت المحلى لكل مكان أتواجد فيه ... وأنا غير مقتنع وأمرى لله

الرئيس السيسي

18 فبراير 2018


الرئيس السيسي .. لم أعرفه إلا فى 2013 فقط ـ يعنى مش عمرى كله ـ والحق للحق يقال .. منذ ظهوره لم ألحظ أي فشل منه يجعلنى أراه فاشلاً ولا مستغلاً.

فبدايته كانت بتصديه للصديق الوفي لبيريز. الذي إهتم بسلامة القتلة والمقتولين. والذى سمح للصهاينة لأول مرة فى التاريخ بنشر أجهزة مراقبة على الحدود. والذى حاول إقناع الرئيس الفلسطيني بتنفيذ مخطط الصهاينة بنقل الغزاوية إلى سيناء كأرض بديلة. والذى عرض على الهواء مباشرةً إجتماع العشيرة الذى يناقش أزمة مصر مع أثيوبيا. والذى فشل فى توفير السلع الضرورية الأساسية للشعب. والذى فشل حتى فى الحفاظ على المستوى الضعيف من الكهرباء الذى كان معمولاً به قبل وصوله. والذى فشل فى الوفاء بوعده الوهمى الكاذب الذى أعلنه بنفسه ومن نفسه بتحقيق االرخاء بعد 100 يوم فقط من تعيينه. ولا بعد 200 ولا بعد 300 حتى. والذى فشل فى تمثيل مصر فى الخارج تمثيلاً مشرفاً فى أى مكان زاره. والذى فشل فى تحقيق الوفاق الوطنى. وفشل حتى فى فرض قراراته على الشعب الذى احتقره. والذى تعدى على الدستور والقانون الذان أتيا به للحكم. والذى أطاح بكل رجال الدولة ذو الخبرات الواسعة وعين أفراد عشيرته الجهلاء بدلاً منهم. والذى أفرج عن المجرمين شديدي الخطورة بدون وجه حق وبدون سند قانوني. والذى أراد ـ ولأول مرة فى التاريخ ـ منذ رمسيس الثانى ,, أن يجيش الجيوش من مصر لحرب سوريا التى هى إقليم مصر الشمالي. والذى ترك عصابته المجرمة تقتل وتسحل المعارضين من أبناء الشعب. والذى تخابر مع قوى أجنبية ضد مصر التى أقسم يمين الحفاظ على سلامتها ومصالحها. إلى آخره ....

الرئيس السيسي .. عرفته فقط من حوالى 5 سنوات. وليس من عمرى كله كما عرفت عصابة الإخوان. عرفته وهو ينقذ مصر من هذا المجرم المتخلف الخائن. ومن عصابته المجرمة والمنحلة والممنوعة بحكم قضائي نهائى بات. ولم يفشل فى هذه الخطوة.


الرئيس السيسي .. لم يفشل فى جمع الشعب بكامل أطيافه من أقصى اليسار مثل حزب التجمع لأقصى اليمين مثل حزب الوفد وما بينهما .. ولم يعارضه أو يرفضه إلا أفراد عصابة الخونة المجرمين والمتعاطفين معهم. وبعض "الثورجية" من الرافضين المعارضين دائماً لكل الأنظمة. وكلاهما قلة لا قيمة لها داخل المجتمع المصري. بدليل فشل ممثلهم خالد علي فى الحصول على 25 ألف توكيل فقط من 104 مليون مصري.


الرئيس السيسي .. لم يفشل حين قرر منذ اليوم الأول لرئاسته، أن يتنازل عن نصف راتبه الشهري وممتلكاته الشخصية، ليضرب المثل والقدوة. وهو ما شجع المصريين على التبرع طوعاً من أجل بناء مستقبل وطنهم.


الرئيس السيسي .. لم يفشل بتصديه للعصابة المجرمة المنحلة داخلياً وخارجياً ,, سواء بالمواجهة الأمنية، أو الإقتصادية أو السياسية .. فأمنياً .. الناس تستطيع الحركة اليوم بكل أمان فى كل مكان على أرض مصر ـ وإقتصادياً .. قضى على أهم مصدر تمويلى لهم بقضائه على مكاتب الصرافة التى كانت تستنزف العملة الأجنبية من الدولة إضافة لفرضه الحراسة على بعض أنشطة هؤلاء المجرمين المتأسلمين التجارية .. وسياسياً قضى على فرصة عودتهم للحياة السياسية فى مصر ثاننيةً، ويقوم بمحاصرتهم الآن دولياً هم ومن يعاونوهم.


الرئيس السيسي .. لم يفشل حين تمكن فى 4 سنوات فقط، من رفع المخزون الإستراتيجى للدولة من حوالى 12 مليار دولار حين تسلم الحكم، إلى حوالى 38 مليار دولار .. لم يفشل فى تصديه لأزمة الكهرباء المزمنة .. بل نجح فى تحويل مصر من مجرد مستهلك للكهرباء إلى منتج لها وقريباً مصدراً لها .. ولم يفشل فى تصديه لمأساة العشوائيات، بل نجح فى تحويلها إلى مناطق عمرانية متكاملة المرافق فى زمن قياسي .. ولم يفشل فى الإقراج عن الغارمات المسجونات بسبب فاتورة أو وصل وكانوا بالآلاف .. ولم يفشل فى زراعة أراضى جديدة تحتاجها زيادة مصر السكانية بشدة وتقلل من واردتنا .. ولم يفشل فى إنشاء المناطق الصناعية الجديدة التى قضت على الآلاف من حالات البطالة، إضافة لتجويد نوعية المنتجات وتقليل الواردات وزيادة الصادرات .. ولم يفشل فى إستعادة أراضى الدولة التى كانت منهوبة خلال عقود .. ولم يفشل فى إنشاء شبكة الطرق التى تمثل نواة وأساس أى مجتمع عمرانى حالى ومستقبلى، والتى توفر زمن التنقلات وتكلفتها وتقلل من الحوادث التى كنا نعانى منها دائماً .. ولم يفشل فى مشاريع المجتمعات الجديدة فى المحافظات المصرية الأكثر إزدحاماً، وهو المطلب الشعبى الدائم منذ عشرات السنين .. ولم يفشل فى عمل مشاريع الإنتاج السمكى والحيوانى والزراعى التى بدأت نتائجها تظهر بالفعل فى الأسواق .. ولم يفشل فى إستخراج النفط والغاز الطبيعي بعد ترسيم الحدود الذى كان يعرقل تلك العمليات .. ولم يفشل فى تحديث وتقوية الجيش لمستوى يجعله قادراً على حماية مصالح مصر وأمنها وسط منطقة مشتعلة من كل الجوانب داير ما يدور .. ولم يفشل فى إستقطاب خيرة علماء مصر فى الخارج والداخل والإستفادة بخبراتهم فى كل المجالات .. ولم يفشل فى علاج فيروس الكبد الوبائى الذى كان يعانى منه نصف الشعب المصري .. ولم يفشل فى إنشاء مستشفيات على أحدث ما يكون .. ولم يفشل في إستقطاب آلالف الشباب وتحويلهم لشباب جاد راغب فعلاً فى العمل .. ولم يفشل فى إعادة مصر لمكانتها العالمية فى كل المحافل الدولية .. إلى آخره من الإنجازات التى لم يفشل فيها ....


الرئيس لم يفشل .. خصوصاً عندما نتذكر أن ما قام به، كان كله فى زمن قياسى لا يتجاوز 4 سنوات فقط لا غير.


الرئيس السيسي ـ فى رأيي ـ فاشل فقط .. فى ضعف قدرته الخطابية وإنعدام كاريزمته عند الكثيرين وأنا منهم.
لكنى لا أريد لمصر خطيباً .. بل أريد رئيساً .. والسيسي، أثبت أنه رئيساً بكل المقاييس.

عن إغتيال المهاجرين العرب



4 فبراير 2018



إغتيال جديد بطلق ناري لشاب من أصول جزائرية، فى فرنسا. هو الإغتيال العاشر من نوعه وبنفس الطريقة. فى الأسابيع الأخيرة. ففي الوقت الذى ينشر السذج من الإخوانجية وأمثالهم، بمنتهى البهجة والشعور المتخلف بالإنتصار على العدو الوهمي الذى صنعوه فى مخيلاتهم، أخبار وصور صلاة المسلمين فى شوارع أوروبا وأمريكا. وإسلام فلان وتأييد علان للدين الإسلامي والمسلمين. ووصول واحد أو اثنين من أصول عربية إلى مناصب وزارية فى بعض تلك الدول ـ في نفس الوقت ـ تتصاعد بين شعوب هذه البلاد، النعرات القومية التى تأخذ أحياناً شكلاً عنصرياً ضد العرب والمسلمين المقيمين عندهم. بحيث لا يمر شهر إلا وتحدث فيه عملية إغتيال لمواطن مسلم أو من أصول عربية. ولا يمر أسبوع إلا ويتم إعتقال مواطن مسلم أو من أصول عربية بتهمة الإرهاب أو الإشتباه فيه. ولا يمر يوم إلا ويشكو فيه الكثير من المسلمين ذوي الأصول العربية من التهميش المجتمعي لهم فى تلك البلاد.
الواقع؛ أن تلك الشعوب لا تعادي العرب ولا المسلمين المقيمين بينهم هكذا دون مبرر. لكنها ضجرت مع مرور الوقت من أفعالهم التى باتت تهدد ثقافتها. كما تهدد الأمن والسلم العام فيها. أي أن الخطأ يقع بالأساس على من يصورون أنفسهم ضحايا، بينما هم يتمتعون بما لا يحلمون به فى بلادهم الأصلية فى معظم مناحي الحياة. وما أن يزداد عددهم فى منطقة ما، حتى يشرعون فى محاولات فرض ثقافتهم وأنماط حياتهم على المجتمع المضيف لهم، الذى استقبلهم واحتواهم ومنحهم نفس الفرص التى يمنحها لمواطنيه الأصليين. دون مراعاة لأبسط قواعد الأصول، ناهينا عن الشكر والعرفان. ولأن بلاد أوروبا وأمريكا كما وصفهم الإمام محمد عبده، منذ أكثر من مائة سنة "بلاد إسلام بدون مسلمين" .. أي أن شرائعها وقوانينها وسلوك شعوبها اليومي، أقرب لتعاليم الدين الإسلامى من المسلمين أنفسهم. فنجد وسط تلك الشعوب، مَن ينبروا للدفاع عن حقوق المهاجرين وطلب المزيد لهم. تحت ذرائع عديدة، أبسطها "مراعاة الحالة النفسية للمغتربين بعيداً عن أوطانهم". ونجد فى المقابل إستغلالاً لا هوادة فيه لهؤلاء "الطيبين" من "بعض" المهاجرين بطرق عديدة. صحيح أن الناس ليسوا كلهم سواء فى كلا الطرفين. فكما يوجد أناس طيبة وخيرة وشريفة، يوجد أناس جاحدة وحقودة ونذلة. لكن بسبب السيئين تنشأ الأزمات وتتفاقم .. وتنشر الصحف فى النهاية أخبار العنف الممنهج الذى يحصد الأرواح من الجانبين. كلمة حق .. الضيوف بسلوكهم هم المسئولين أولاً. ولأنها كلمة حق ـ فكالعادة ـ لن تعجب أصدقائى المهاجرين.

ألا يكفي البرلمان؟

24 يناير 2018

رأيي مخالف لمعظم الآراء المتداولة حول ضرورة إجراء الإنتخابات الرئاسية. لأن الدولة نهجت أفضل نهج منذ تولي الرئيس السيسي، ألا وهو نهج المصارحة فى معظم الأمور الداخلية. كالإقتصاد والفساد والتعليم وخلافه. وكان يجب عليها أن تصارح الشعب أيضاً بحقيقة المخاطر التى تعيشها بسبب حالة الحرب الشاملة التى تخوضها والمفروضة عليها ـ أي علينا جميعاً ـ لكنها لم تفعل. مثلاً، أنت تعلم أننا فى حالة حرب عسكرية. نفقد فيها بمعدل شبه يومي، أرواح شهداء، ونخسر معدات عسكرية وأموال طائلة. بينما الدولة تكتفى بإعلان خجول من حين لآخر عن بعض العمليات. وكأنها أحداث عادية. فكانت النتيجة هى أن الناس يعيشون حياتهم بنفس النمط الطبيعي وكأن ما يحدث هو شئ طبيعي، أو أنه ليس فى بلدهم. كنت أسير بين الناس منذ أسابيع، وفى كل مكان تواجدت فيه على إختلاف المستويات الإجتماعية. لم ألحظ من سلوك الناس وكلامهم أى إحساس حقيقي بتلك الحرب ـ إلا مَن رحم ربي منهم ـ الناس فعلاً مغيبة. والمسئولة هى الدولة. التى تتركهم هكذا بحجة عدم إشعارهم بالذعر والرعب، وليستمروا فى أعمالهم وإنتاجهم. لكن النتيجة كما لاحظت سلبية .. الناس فى الطراوة تماماً. المهم .. أرى أن أقل ما يمكن على الدولة أن تفعله فى مثل هذه الظروف ـ الحالة ج ـ هو أن تلغي لعبة الإنتخابات. ولو شاءت تطبيق القوانين العرفية سيكون أفضل. فنحن بالفعل فى حالة طوارئ معلنة، تسمح بإتخاذ مثل هذه الإجراءات. خصوصاً؛ والكل يعلم بأن الغالبية الساحقة من الشعب حالياً لن تقبل بأي تغييرات سياسية جديدة. الناس فى أمس الحاجة إلى الراحة والإستقرار بعد حوالى 18 سنة إضطرابات، اختتمناهم بسبعة ما يعلم بهم إلا ربنا. وفى ظل إنعدام تام لأى بديل حقيقي مقنع للرئيس الحالي. ناهينا عن الرغبة العامة فى انتظار نتائج ما بدأه .. وغيرهم من الأسباب. ولا تقنعني تلك المبررات عن ضرورة إجراء الإنتخابات لإقناع العالم. فما يهمنا هو نحن وليس العالم. والعالم لا يهمه منا غير المصالح الإقتصادية. ولن يخسرنا أبداً كي لا يخسرها. لهذا؛ طالبت هنا منذ أيام بإلغاء الإنتخابات. والإكتفاء بإستفتاء ـ إن كان لازم ولابد يعنى ـ وفوجئت مؤخراً بترشيح الرئيس من حوالى 95% من نواب الشعب فى البرلمان. حقيقي فوجئت .. وكانت مفاجأة سارة لأنها دعمت وجهة نظرى. فالبرلمان هو مصغر البلد .. النواب بداخله يمثلون الشعب كله. فإن كانت هذه هى نسبة ترشيحهم للرئيس .. وهم يمثلون الشعب .. فالأمر إذاً محسوم. ولا يحتاج للعبة إنتخابات ولا يحزنون, ولا قلق من العالم كذلك، فالرد ـ إن أراد أحدهم أن يرد ـ هو أن البرلمان قد رشحه بأغلبية ساحقة تشبه الإجماع. وانتهى الأمر. أما إنفاق مليار جنيه هباءً وسط ظروفنا الإقتصادية الحساسة جداً. إضافة لمليارات أخرى تنفقها القنوات الإعلامية على نفس الموضوع. إضافة لشغل الناس وتشتيتهم بعيداً عن الحقيقة التى يجب أن يركزوا عليها ـ حالة الحرب والطوارئ ـ فرأيي أنه أكبر خطأ ولا أوافق عليه. ومع ذلك .. سأصوت كالعادة لو أجروا الإنتخابات فى النهاية.

هي الأولى .. فلتكن أيضاً الأخيرة

17 يناير 2018

سألنى شخص أسباني ـ كتالاني، كنت أتعرف عليه لأول مرة، عن بلدي الأصلي. فقلت له: مصري، ألا ترى ملامحي تشبه المومياوات؟ فضحك .. ثم قال لي: إذاً أنت مسلم؟ فقلت له: نعم أنا مثلك، مسلم. لكن ما علاقة كوني مصرى بكوني مسلم؟ فتوقف للحظة ليعي ردى الأول وسؤالي الذي تبعه. ثم قال: أنا لست مسلماً. لماذا تظن أنى مسلماً؟ قلت: لأن الإسلام هو صفة كل من يؤمن بوجود الله ويسلم أمره له. وليس الإسم حكراً على أتباع الديانة المحمدية فقط. فأنت مثلاً مسيحي لأنك من أتباع السيد المسيح. وأنا محمدي لأنى من أتباع النبى محمد. لكن كلانا نؤمن بالله ونسلم أمرنا له، فكلانا إذاً مسلم. أما إختلافنا ففقط فى بعض تفاصيل العقيدة وفى طريقة العبادة. إبتسم إبتسامة عريضة، ووجدته يقترب منى أكثر. ثم قال بحرارة: هذه أول مرة أفهم فيها المعنى والفرق بهذه الطريقة. أعتقد أنك على حق. لكن لماذا لم أسمع هذا الكلام من قبل، على الرغم من كثرة المسلمين هنا؟ قلت: لأن الغالبية الساحقة من المحمديين هنا، بل أيضاً غالبية المحمديين فى عالمنا المعاصر، لا يفقهون شيئاً عن جوهر الدين. وإنما يتعاملون مع الظاهر منه فقط دون تدبر. والذنب ليس ذنبهم، وإنما ذنب الحقبة الجاهلة التى نعيش فيها، وإستئثار تجار الدين ممن يسمون أنفسهم شيوخاً بحق التدبر والتفقه. ثم إستغلالهم بواسطة الإمبريالية لخلق العداوات بين الناس وبعضهم البعض على قاعدة فرق تسد. رد بحماس: هذا تفسير منطقي تماماً. إذاً أصحح سؤالي؛ هل أنتم فى مصر محمديون؟ فابتسمت بدوري وقلت له: نحن فى مصر .. مسلمون. فهم ما أعنيه .. وقرر أن يردده بنفسه فقال: فهمت، أي أنكم مؤمنون مع إختلاف العقائد. قلت: تماما. فغالبيتنا مؤمن بالقرآن. وكثير منا مؤمن بالانجيل. وبيننا بعض الأفراد ممن يؤمنون بالتوراة. وكذلك فينا قلة ممن لا يؤمنون بأى كتاب ولكنهم مؤمنون بوجود الخالق أيا كان إسمه أو صفاته. سألنى بانبهار المتفاجئ: وهل يستطيع شخص من منطقة المسيحيين مثلا أن يتواجد فى منطقة المسلمين؟ فضحكت وأنا أجيبه: لا توجد مناطق مخصصة لأصحاب العقائد المختلفة فى مصر. نحن شعب عمره ثلاثة عشر قرناً .. هذه التفرقة لن تجدها أبداً إلا فى المجتمعات الناشئة حديثاً، وليس فى أعرق مجتمع إنساني إسمه مصر. لاحظت إستمراره فى حالة الإنبهار، فتابعت: فى غالبية المبانى السكنية، ستجد أن الجيران عبارة عن خلطة من أتباع العقائد المختلفة. ونفس الشئ بين زملاء العمل، وكذلك ستجد المساجد تجاور الكنائس وكلاهما يجاور المقاهي. وجميعنا نحتفل بالأعياد الدينية على إختلافها، ونهنئ بعضنا البعض فيها. نظر لزوجته التى كانت بجواره تتابع النقاش منذ بدايته بإهتمام صامتةً، وكأنه بنظرته يطالبها بالمشاركة. قالت بدورها: لقد اختلط عليّ الأمر .. ما تقوله يتناقض مع كل ما نعرفه عن العرب. فمن نراهم حولنا هنا، كلهم مسلمون منغلقون على أنفسهم ومتعصبون ومثيرون للريبة. وأيضأ ما يصلنا من الإعلام يخبرنا بعكس كلامك!! إبتسمت لها وأخرجت علبة سجائرى وعزمت عليها وعليه بسيجارتين، وأشعلت سيجارتي .. مضيعاً بضع ثوان بين تعليقها وبين ردي عليه، علها تضيف إليه كل ما لديها قبل أن أرد. وجاءت الإضافة منه هو رداً عليها. قال: الإعلام كله مزيف، لا تعتمدي عليه. قلت: صحيح، ما يصلكم من خلال الإعلام، موجّه. وشخصياً سألت ذات يوم المديرة السابقة للأخبار فى القناة التليفزيونية الكتالانية ـ وهي بالمناسبة صديقة شخصية لي ـ خلال حديث ودي عن نفس الموضوع، أي عن زيف المعلومات التى يبثونها فى القناة، وفى غيرها من القنوات الأسبانية .. ولماذا تعتمد كل أخبارهم عن المنطقة العربية، على مصدر واحد وهو قناة الجزيرة القطرية؟ فكان ردها: ببساطة، لأن بيننا وبينهم عقد، وهم المصدر الحصري لأخبارنا طبقاً لهذا العقد. ولا يمكننا الأخذ بأي مصدر آخر حتى ينتهي العقد، وما لم يتم تجديده. أكملت كلامي لهما: وقناة الجزيرة هى الذراع الإعلامي للعصابة الإجرامية المعروفة بإسم الإخوان المسلمين. وتلك العصابة بقناتها الإعلامية، ممنوعة فى معظم البلاد العربية. لكنها مصدر حصري للأخبار المزيفة فى الإعلام الأوروبي. أما العصابة الإجرامية نفسها، فقاداتها وجمعياتها الأهلية ومراكز نشاطها، منتشرين فى أوروبا. ويستقطبون كل يوم مؤيدين وأنصار وأعضاء فاعلين من داخل أبناء أوروبا نفسها، سواء من أبناء العرب المهاجرين أو من أبناء الشعب الأوروبى الأصلي. وتلك العصابة، هي المسئولة عن نشر الأفكار الشاذة عن العقيدة المحمدية أو (الإسلامية). ولها تشعبات وفروع مثل القاعدة وداعش وحتى بعض الطوائف ذات المظهر الصوفي. وبسببها، ساءت سمعة العقيدة وأتباعها فى العالم كله. علماً بأن أتباع تلك العصابة الإجرامية، لا يمثلوا سوى نسبة مئوية ضئيلة جداً من المحمديين فى العالم. قالت هي: أعتقد أنك على حق. وقال هو: أصارحك بأنى عنصري ضد العرب. أو هكذا يصفوننى لمواقفي وآرائى فيمن يعيشون بيننا من المغاربة. لكنك بكلامك هذا، وضحت لي بعض الأمور التى غيرت من بعض آرائى. بل أكثر من هذا؛ لم أفكر أبداً فى زيارة أى دولة عربية. أما الآن حالاً (قالها وهو يبتسم) عندي رغبة فى السفر لمصر. بدوري .. ضحكت. ثم قلت له: لا أنصحك. فتعجب، وتعجبت هى أيضاً وبادرت هي بالسؤال: لماذا؟ لا أفهمك! قلت لهما: اشبعوا أولاً من كل رحلاتكما حول العالم. واتركوا زيارة مصر للنهاية. لأنكم إذا زرتوا مصر، ستجدوا فيها كل شئ. كل الحضارات والثقافات والمعالم، اللاتى ستغنيكما عن زيارة أى بلد آخر. اجعلوها مسك الختام.

العام الجديد؛ هو بداية للعالم الجديد

2 يناير 2018

نحن الآن فى بداية عام 2018 ـ أى نهاية السبع سنوات العجاف فى مصر، وبداية السمان بإذن الله.

مَن سيكون منا على قيد الحياة بعد عشر سنوات، أي فى عام 2028 سيشهد عالماً غير الذي نعيش فيه الآن. عالماً مختلفاً كل الإختلاف. سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وعلمياً. حيث ستتغير حدود بلاد، وتتغير قوى عالمية، وتتغير أنظمة سياسية حاكمة، وتتغير منظومات أخلاقية ودينية تقليدية، وتتغير تقنيات الإتصال والمعلومات لمستوى يصعب علينا اليوم تخيله.
سوف ينتهى النظام المالي المتحكم فى العالم من خلال البورصات المالية. ستختفي الأوراق المالية، وسيعود التعامل اليومي للذهب والفضة، والتعامل الدولي بالتحويلات الرقمية البنكية.
سوف تتغير القوى العالمية .. فستتحد أجزاء من الأراضي الليبية الحالية والسودانية الحالية مع الدولة المصرية، وستكون مصر دولة محورية كبرى فى العالم لأنها ستشهد تقدماً إقتصادياً وعلمياً وعسكرياً غير مسبوق. وسوف تستقل بعض الولايات الأمريكية عن الحكومة الفيدرالية بعد تصاعد الأزمات الداخلية، وستظل الولايات المتحدة كقوة عالمية لكن بنفوذ أقل. وسوف تتحد الكوريتان ويشكلان قوة عالمية ثالثة. وسوف تستمر الصين فى تقدمها الإقتصادى والتقني والعسكري، لتصبح الدولة الأقوى فى العالم. وسوف يتفكك الإتحاد الأوروبي الحالي، وتتكون بديلاً عنه تحالفات ثنائية وثلاثية داخل أوروبا، سيكون أقواهم هو تحالف ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. بينما ستتقوقع باقي الدول الأوروبية على نفسها، خصوصاً بعد إنفصال عدداً من أقاليمها ما لم تشهد حروب أهلية محدودة. وسوف تتنامى الدول الأفريقية ودول أمريكا اللاتينية عما هم عليه الآن، لكن سيظلوا بعيدين عن مستوى النفوذ العالمي. وسوف يشتد الصراع بين الهند من ناحية وباكستان وأفغانستان من ناحية أخرى، بما سيعرقل نموهما، وإن كانت الهند ستصبح مركزاً علمياً عالمياً. وسوف تنمو روسيا وتصعد عسكرياً أكثر مما هى عليه الآن، لكنها لن تتقدم إقتصادياً كثيراً. وسوف يتغير نظام الملالي فى إيران، لنظام جمهوري ليبرالي، تؤسس من خلاله لعلاقات طبيعية مع جيرانها العرب. وسوف يحدث إنضمام لبعض الإمارات الخليجية، وإنفصال لبعض المناطق منها. وسوف ينتهى الحكم الملكي فى أرض الحجاز ويتحول لنظام أشبه بالجمهوري. وسوف يندمج الفلسطينيون مع الكيان الصهيونى فى دولة واحدة، وسيصل للحكم فيها عربي ليس يهودي الديانة.
سوف ينحصر التشدد الديني الإسلامي في آسيا الوسطى وفي غرب أفريقيا وفي بريطانيا. وسوف تستمر باقي الشعوب على عقائدها الدينية مع التحرر من بعض مفاهيمها الغير منطقية.
سوف يرتفع متوسط الأعمار وستقل نسبة الوفيات، مع زيادة الوعي الصحي وإرتفاع مستوى الأمان فى كل وسائل المعيشة. وسيزيد إستخدام الآلة وتقل الحاجة لليد العاملة. وهى عوامل ستؤدي لإرتفاع نسب البطالة فى أنحاء العالم. وسيكون الشغل الشاغل للحكومات ومهمتهم الأولى هي إيجاد حلول لهذه المسألة.
سوف تتغير تضاريس مناطق عديدة فى العالم بتغير المناخ وبالظواهر الطبيعية التى بدأت تنشط منذ فترة وستنشط أكثر من الآن. وستكون علوم الحفاظ على البيئة والمناخ هى العلوم الأكثر إهتماماً.
سوف تختفي مهن تقليدية وتظهر مهن جديدة لم يكن لها وجود. وسوف يظهر الإنسان الآلي فى حياة الأفراد اليومية. وسوف تتطور وسائل الإتصال لتكون بنظام الأبعاد الثلاثية. وسوف تظهر وسائل المواصلات الطائرة فى المدن. وسوف تختفي الكتب الورقية تماماً مقابل الشاشات الإلكترونية والرقمية المضغوطة.
سوف يعود الناس للإهتمام بالفنون الشعبية التقليدية القديمة. وستزيد النزعات القومية.
سوف يكون عالماً غير هذا العالم .. والفرق بيننا وبينه لا تزيد عن عشر سنوات. فلنستعد له.