Insignia identificativa de Facebook

Translate

أسبانيا على صفيح ساخن


22/12/2018




مع بدء إحتفالات الشعب الاسباني بأعياد الميلاد ونهاية سنة وبداية عام جديد. قرر بدرو سانشث رئيس الوزراء الاسباني، عقد إجتماع حكومته يوم 21 ديسمبر الجاري، فى مقرها البرشلوني وليس فى مقرها الدائم فى العاصمة مدريد ـ لأول مرة منذ 40 سنة ـ وأقرن الإجتماع بإجتماع آخر ثنائى يجمعه مع رئيس إقليم كتالونيا الاسباني جواكيم تورا، وهو شخصياً أحد زعماء الإنفصال بإقليمه عن اسبانيا.


هذا القرار أتى قبل موعد الإجتماع بأيام وبشكل مفاجئ، أذهل جميع أطراف الصراعات الداخلية الاسبانية العديدة، وعلى رأسها صراع الإنفصال المستعر منذ أكثر من سنة فى إقليم كتالونيا الواقع شمال شرق اسبانيا جنوب الحدود الفرنسية.

المغزى من قراره كما وصفته المتحدثة باسم الحكومة، هو التأكيد على سيادة أسبانيا على الإقليم الكتالاني من جهة. وإظهار مشاعر الود للشعب الكتالاني ـ وبخاصة ـ الإنفصاليين منهم من جهة أخرى. وبأن اللقاء الثنائي هو للتأكيد على رغبة االحكومة فى حل مشاكل كتالونيا بشكل ودي داخل إطار الدستور الاسباني.

لم يلق هذا التصريح أي ترحيب من الإنفصاليين الكتالان. ولا من الأحزاب الاسبانية المعارضة. فالإنفصاليون وصفوه بأنه ترسيخ لما وصفوه بالإحتلال الاسباني لمقاطعتهم. والأحزاب المعارضة ـ ذوات الأغلبية فى البرلمان الاسباني ـ اعتبروه إهانة للدولة، بعد كل ما جرى من الإنفصاليين الكتالان خلال الشهور الأخيرة فى حق اسبانيا وملكها ودستورها وحكومتها. بل وفى حق غالبية الكتالان الغير راغبين فى الإنفصال.

فور الإعلان؛ قررت الجماعات الإنفصالية الكتالانية تحركاً فى نفس ذات اليوم الموعود، للسيطرة على مفاصل الإقليم. بقطع الطرق وإيقاف المواصلات وإحتلال الأماكن الحكومية والتظاهر والإعتصام ونشر الأعلام واللافتات الإنفصالية، التى منها ما يهين الدولة الاسبانية. وبدأوا التحركات فعلاً من قبل الموعد بحوالى أسبوع على نطاق محدود ومؤقت. تزايد مع مرور الوقت وصولاً لأقصاه يوم 21

من ناحية أخرى، عززت الدولة إجراءاتها الأمنية فى الأماكن العامة والحساسة، ودفعت بالآلاف من القوات الأمنية لتنفيذ ذلك.

وجاء اليوم ـ حيث شهد بعض أعمال العنف، أدت إلى إصابة 65 شخصاً، 35 منهم من قوات الأمن. إضافة إلى تعرض بعض الصحفيين المراسلين لقنوات تليفزيونية اسبانية للإعتداء بالضرب والإهانة من قبل الإنفصاليين. كما أدى إلى إهانة وضرب سيدة حاولت نزع بعض لافتات الإنفصاليين من أمام منزلها. وإلى تعطيل المرور وغلق الشوارع الكبيرة والمتاجر في عدد لا بأس به من مدينة برشلونة وبعض المناطق الأخرى من الإقليم الكتالاني.

ألقت المتحدثة بإسم الحكومة بياناً صحفياً عقب إنتهاء الإجتماعين. تحدثت فيه بلهجتها الهادئة المعروفة عنها، عن إيجابيات اليوم ـ وكأن شئ آخر لم يحدث ـ وكان مضمون ما أعلنت، مجرد قرارات وزارية عادية. أضافت إليها تعليقاً وحيداً عن لقاء سانشث بتورا، وهو أنهما إتفقا على لقاء آخر فى شهر يناير يحضره ممثلين عن الحكومة الأسبانية والحكومة الكتالانية. إضافةً لكلام عن التفكير فى تعديل الدستور الأسباني، وكذلك إعطاء مزيد من الإستقلالية لإقليم كتالونيا.

هذا البيان جعل الأحزاب المعارضة الأسبانية تشتاط غضباً أكثر من ذى قبل. لأنهم اعتبروه تخاذلاً وإستسلاماً لمطالب الإنفصاليين الإنقلابيين. وإنهاء للسيادة الدستورية على أرض اسبانية. وكرروا مطالبتهم لرئيس الوزراء بإجراء إنتخابات رئاسية فوراً. لأنه رئيس مؤقت لتسيير الأمور فقط. أتى بعد عزل الرئيس السابق راخوي من حوالي سنة. والذي تم عزله برلمانياً لكثرة جرائم الفساد فى أعضاء حكومته وحزبه. وعليه، فلا يحق له ـ لسانشث ـ الإستمرار لنهاية الدورة الإنتخابية الحالية. خصوصاً مع قراراته فى شتى الأمور، التى لم يوافق البرلمان على أي منها حتى الآن. وبالأخص، سلوكه مع قادة الإنفصال فى كتالونيا. الذى اعتبروه مهيناً لأقصى درجة. ومن شأنه إنهاء الدولة الاسبانية بوضعها الحالي. وطالب الحزبان الأكثر شعبية فى اسبانيا حالياً ـ وهما حزبان يمينيان ـ بتطبيق البند 155 من الدستور الأسبانى على إقليم كتالونيا من جديد. بصرامة أشد عن ذي قبل. وهو البند الدستوري القاضي بوقف صلاحيات الحكم الذاتي فى أي إقليم اسباني يخرج قادته عن سيطرة الدولة الاسبانية.

ومن داخل كتالونيا، تقدمت أريماداس زعيمة الحزب الأكثر شعبية فى كتالونيا، وهو حزب دستوري مناهض للإنفصاليين، تقدمت بدعوى قضائية ضد تورا الرئيس الكتالاني، لاحتضانه الجماعات الإنفصالية المشاغبة ودعمه لهم وإثارتهم وحثهم على مزيد من الضغط بكل الوسائل ضد اسبانيا ومؤيديها داخل كتالونيا.

تلك هي أهم أخبار الساعة فى اسبانيا .. إضافة لأزمتها مع بريطانيا حول السيادة على مدينة جبل طارق فى جنوب اسبانيا. وإضافة لأزمة الحكومة والنقابات العمالية من جهة، وباقي الأحزاب داخل البرلمان من جهة أخرى، حول قرارات زيادة الحد الأدنى للأجور، والمعاشات، والضرائب، والمهاجرين غير الشرعيين، والبطالة، وغيرها من المشكلات.

والمتوقع هو استمرار حالة عدم الإستقرار السياسي فى كتالونيا ـ بحد أدنى ـ لنهاية العام القادم 2019 نظراً لعناد رئيس الوزراء الاسباني سانشث، وإصراره على الاستمرار فى الحكم لنهاية الدورة الإنتخابية. مع إستمرار معارضة الأحزاب المعارضة لقراراته داخل البرلمان، مما سيعطل غالبية الإتفاقات التى قد يتخذها سانشث مع تورا. وبالتالي ستستمر المشاحنات بين الإنفصاليين والدستوريين داخل الإقليم. بل قد يزداد فيه التوتر، لأن الدستوريين قد فاض بهم الكيل من سخافات الإنفصاليين. وبدأ بعضهم ينضم لجماعات يمينية متطرفة منادية بالقومية الأسبانية كالنازيين الجدد وغيرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق