Insignia identificativa de Facebook

Translate

هي الأولى .. فلتكن أيضاً الأخيرة

17 يناير 2018

سألنى شخص أسباني ـ كتالاني، كنت أتعرف عليه لأول مرة، عن بلدي الأصلي. فقلت له: مصري، ألا ترى ملامحي تشبه المومياوات؟ فضحك .. ثم قال لي: إذاً أنت مسلم؟ فقلت له: نعم أنا مثلك، مسلم. لكن ما علاقة كوني مصرى بكوني مسلم؟ فتوقف للحظة ليعي ردى الأول وسؤالي الذي تبعه. ثم قال: أنا لست مسلماً. لماذا تظن أنى مسلماً؟ قلت: لأن الإسلام هو صفة كل من يؤمن بوجود الله ويسلم أمره له. وليس الإسم حكراً على أتباع الديانة المحمدية فقط. فأنت مثلاً مسيحي لأنك من أتباع السيد المسيح. وأنا محمدي لأنى من أتباع النبى محمد. لكن كلانا نؤمن بالله ونسلم أمرنا له، فكلانا إذاً مسلم. أما إختلافنا ففقط فى بعض تفاصيل العقيدة وفى طريقة العبادة. إبتسم إبتسامة عريضة، ووجدته يقترب منى أكثر. ثم قال بحرارة: هذه أول مرة أفهم فيها المعنى والفرق بهذه الطريقة. أعتقد أنك على حق. لكن لماذا لم أسمع هذا الكلام من قبل، على الرغم من كثرة المسلمين هنا؟ قلت: لأن الغالبية الساحقة من المحمديين هنا، بل أيضاً غالبية المحمديين فى عالمنا المعاصر، لا يفقهون شيئاً عن جوهر الدين. وإنما يتعاملون مع الظاهر منه فقط دون تدبر. والذنب ليس ذنبهم، وإنما ذنب الحقبة الجاهلة التى نعيش فيها، وإستئثار تجار الدين ممن يسمون أنفسهم شيوخاً بحق التدبر والتفقه. ثم إستغلالهم بواسطة الإمبريالية لخلق العداوات بين الناس وبعضهم البعض على قاعدة فرق تسد. رد بحماس: هذا تفسير منطقي تماماً. إذاً أصحح سؤالي؛ هل أنتم فى مصر محمديون؟ فابتسمت بدوري وقلت له: نحن فى مصر .. مسلمون. فهم ما أعنيه .. وقرر أن يردده بنفسه فقال: فهمت، أي أنكم مؤمنون مع إختلاف العقائد. قلت: تماما. فغالبيتنا مؤمن بالقرآن. وكثير منا مؤمن بالانجيل. وبيننا بعض الأفراد ممن يؤمنون بالتوراة. وكذلك فينا قلة ممن لا يؤمنون بأى كتاب ولكنهم مؤمنون بوجود الخالق أيا كان إسمه أو صفاته. سألنى بانبهار المتفاجئ: وهل يستطيع شخص من منطقة المسيحيين مثلا أن يتواجد فى منطقة المسلمين؟ فضحكت وأنا أجيبه: لا توجد مناطق مخصصة لأصحاب العقائد المختلفة فى مصر. نحن شعب عمره ثلاثة عشر قرناً .. هذه التفرقة لن تجدها أبداً إلا فى المجتمعات الناشئة حديثاً، وليس فى أعرق مجتمع إنساني إسمه مصر. لاحظت إستمراره فى حالة الإنبهار، فتابعت: فى غالبية المبانى السكنية، ستجد أن الجيران عبارة عن خلطة من أتباع العقائد المختلفة. ونفس الشئ بين زملاء العمل، وكذلك ستجد المساجد تجاور الكنائس وكلاهما يجاور المقاهي. وجميعنا نحتفل بالأعياد الدينية على إختلافها، ونهنئ بعضنا البعض فيها. نظر لزوجته التى كانت بجواره تتابع النقاش منذ بدايته بإهتمام صامتةً، وكأنه بنظرته يطالبها بالمشاركة. قالت بدورها: لقد اختلط عليّ الأمر .. ما تقوله يتناقض مع كل ما نعرفه عن العرب. فمن نراهم حولنا هنا، كلهم مسلمون منغلقون على أنفسهم ومتعصبون ومثيرون للريبة. وأيضأ ما يصلنا من الإعلام يخبرنا بعكس كلامك!! إبتسمت لها وأخرجت علبة سجائرى وعزمت عليها وعليه بسيجارتين، وأشعلت سيجارتي .. مضيعاً بضع ثوان بين تعليقها وبين ردي عليه، علها تضيف إليه كل ما لديها قبل أن أرد. وجاءت الإضافة منه هو رداً عليها. قال: الإعلام كله مزيف، لا تعتمدي عليه. قلت: صحيح، ما يصلكم من خلال الإعلام، موجّه. وشخصياً سألت ذات يوم المديرة السابقة للأخبار فى القناة التليفزيونية الكتالانية ـ وهي بالمناسبة صديقة شخصية لي ـ خلال حديث ودي عن نفس الموضوع، أي عن زيف المعلومات التى يبثونها فى القناة، وفى غيرها من القنوات الأسبانية .. ولماذا تعتمد كل أخبارهم عن المنطقة العربية، على مصدر واحد وهو قناة الجزيرة القطرية؟ فكان ردها: ببساطة، لأن بيننا وبينهم عقد، وهم المصدر الحصري لأخبارنا طبقاً لهذا العقد. ولا يمكننا الأخذ بأي مصدر آخر حتى ينتهي العقد، وما لم يتم تجديده. أكملت كلامي لهما: وقناة الجزيرة هى الذراع الإعلامي للعصابة الإجرامية المعروفة بإسم الإخوان المسلمين. وتلك العصابة بقناتها الإعلامية، ممنوعة فى معظم البلاد العربية. لكنها مصدر حصري للأخبار المزيفة فى الإعلام الأوروبي. أما العصابة الإجرامية نفسها، فقاداتها وجمعياتها الأهلية ومراكز نشاطها، منتشرين فى أوروبا. ويستقطبون كل يوم مؤيدين وأنصار وأعضاء فاعلين من داخل أبناء أوروبا نفسها، سواء من أبناء العرب المهاجرين أو من أبناء الشعب الأوروبى الأصلي. وتلك العصابة، هي المسئولة عن نشر الأفكار الشاذة عن العقيدة المحمدية أو (الإسلامية). ولها تشعبات وفروع مثل القاعدة وداعش وحتى بعض الطوائف ذات المظهر الصوفي. وبسببها، ساءت سمعة العقيدة وأتباعها فى العالم كله. علماً بأن أتباع تلك العصابة الإجرامية، لا يمثلوا سوى نسبة مئوية ضئيلة جداً من المحمديين فى العالم. قالت هي: أعتقد أنك على حق. وقال هو: أصارحك بأنى عنصري ضد العرب. أو هكذا يصفوننى لمواقفي وآرائى فيمن يعيشون بيننا من المغاربة. لكنك بكلامك هذا، وضحت لي بعض الأمور التى غيرت من بعض آرائى. بل أكثر من هذا؛ لم أفكر أبداً فى زيارة أى دولة عربية. أما الآن حالاً (قالها وهو يبتسم) عندي رغبة فى السفر لمصر. بدوري .. ضحكت. ثم قلت له: لا أنصحك. فتعجب، وتعجبت هى أيضاً وبادرت هي بالسؤال: لماذا؟ لا أفهمك! قلت لهما: اشبعوا أولاً من كل رحلاتكما حول العالم. واتركوا زيارة مصر للنهاية. لأنكم إذا زرتوا مصر، ستجدوا فيها كل شئ. كل الحضارات والثقافات والمعالم، اللاتى ستغنيكما عن زيارة أى بلد آخر. اجعلوها مسك الختام.

هناك تعليقان (2):