28 ديسمبر 2011
نبدأ الحدوتة من الأول خالص
ـ وبدايتها يوم 25 يناير، لا كان فيه ثوار ولا يحزنون ..
كان فيه مسيرة للمطالبة بوقف التعذيب فى أقسام الشرطة .. ولولا غباء القيادات
الأمنية وقتها، كان زمان مبارك لسه بيحكمنا لحد دلوقت
ـ الناس كلها .. يعنى الشعب .. أيدت المتظاهرين يومها،
وبكده حصل التغيير، وحصل ما أطلقنا عليه اسم ثورة .. يعنى الشعب كله كان هو
"الثوار"، ولولاه، كانت انتهت زي أى مظاهرة ما بتنتهى
ـ والمجلس الأعلى
للقوات المسلحة، هو اللى قرر ياخد جانب الشعب، وليس جانب الرئاسة، وبالتالى، هو من
دعم الثورة وأيدها وحماها شئنا الإعتراف بهذا أو لم نشأ
ـ والمجلس الأعلى للقوات المسلحة ـ (بصفته السيادية) ـ هو بنفسه من قرر
إستشارة قيادات السياسة وممثلى الإئتلافات .. يعنى ليس كما يقال، من أن الشرعية
الثورية هى من أعطته هذا الحق .. هو من قرر لنفسه هذا الدور
ـ والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، هو رأس الجيش المصرى، ولا يمكن فصل الرأس
عن الجسد، وإلا حنبقى بنهزر
ـ والمجلس الأعلى وافق على معظم ـ إن لم يكن كل ـ إقتراحات غالبية
السياسيين والمنظمات الناشئة منذ البداية .. ومصمم على تسليم السلطة لرئيس منتخب
فى أقرب وقت ممكن .. ولم يعطله سابقاً إلا مزايدات وشغب هواة السياسة الجدد ..
لكنه مؤخراً حسم موقفه وقراراته كما تابعنا فى موضوع الإنتخابات .. وفى موضوع
تسليم سلطة البلاد لرئيس الوزراء .. وفى موضوع تكوين مجلس إستشارى رئاسى .. وفى
مواضيع أخرى عديدة
ـ إذن .. أى كلام من أى نوع ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة .. يستوجب على
العقلاء الشك فى نواياه ونوايا قائليه .. أو على أقل تقدير .. الشك فى مدى معرفتهم
وعلمهم
وبس خلاص
لكن المأساة المدهشة من شدة ألمها .. هى أن من يتحدثون بإسم ما اصطلح
مجازاً على تسميته بـ "الثورة" والمدافعين عنها، يقصرون حق الكلام عنها
على من وقفوا فى ميدان التحرير!!
فأجد نفسى أنا والملايين غيرى من الشعب المصرى، مضطرين لأن نعاملهم معاملة
الأطفال ونقول لهم ما يلى:
***
يا
حبيبى انت عاوز تقول إيه بالضبط؟ ركز شوية وفهمنى قصدك وواحدة واحدة .. لأن ترديدك
المستمر وردك الأوحد على أى موضوع مطروح للمناقشة العامة أو حتى وجهة نظر خاصة،
لنقطة ان اللى ما كانش موجود فى التحرير فى يناير، ليس له حق الرأي .. بقى ملفت
للنظر جداً، ومحتاج منك توضيح
هل
قصدك مثلاً ان اللى كانوا فى التحرير بس فى يناير .. هما بس .. اللى من حقهم
الكلام؟؟ .. هل هو ده قصدك؟؟
لو
ده قصدك تبقى مصيبة كبيرة .. ويبقى فيه قصور غير طبيعى وخلل كارثى فى الموضوع من
أوله لآخره .. لأنك من المفترض تكون ممثل أو معبر عن صوت من شاركوا فى التحرير فى
يناير .. وإن كان ده هو رأيهم زى ما هو رأيك .. يبقى للأسف انتوا كده بتنسفوا
الثورة من أساسها وبتقلعوها من جذورها
لأن
شعارها كان "ثورة كل الشعب المصرى"
وليس
"ثورة الموجودون فى التحرير" ..
لأن
أى إنجاز قومى كبير، لا يتم بفئة واحدة من الناس، لكن بكل الناس .. يعنى مثلاً ..
لما الجيش المصرى عبر القناة .. لولا ان الشعب كان رابط الحزام على بطنه وبياكل
مرتين فى اليوم بدل ثلاثة عشان يوفر للجنود، ولولا ان الجيش كان ظهره محمى بقوات
الدفاع المدنى (حاجة ما حضرتهاش انت عشان خلصت قبل انت ما تتولد) ولولا كانوا
معتمدين على أن كل الطلبة فى المدارس الإعدادى والثانوى بياخدوا دروس مكثفة فى
التربية العسكرية أسبوعياً كأنهم مجندين بالضبط .. ولولا ان الهيئة العامة
للإستعلامات وقتها (حلوها برضو من زمان بعد معاهدة السلام) كانت بتشحن الناس
وتوعيهم يومياً على مدار سنوات وسنوات .. ولولا حاجات كثيرة جداً كلها لها مغزى
ومعنى واحد، وهو أن العمل الكبير اللى اسمه عبور القناة، لم يكن له أن يتم إلا
بجهود كل الشعب من أصغر واحد فيه لأكبر راس فيه .. وهذا المعنى نفسه لابد أن ينطبق
على أحداث يناير 2011 وإلا تحولوها بقصد أو بدون قصد لعمل خاص بمجموعة خاصة عددها
فى أفضل الأحوال وأكثرها كرماً لا يزيد عن مليون بنى آدم من بلد تعداد سكانها
يقارب الـ 90 مليوناً
فهل
ده معقول؟؟ هل يصح هذا؟؟
أما
عن الهتافات بسقوط مبارك ,, فهى لم تكن وليدة 25 يناير، ولو اعتقدت هذا، تبقى وبكل
أسف .. تبين وتظهر وتوضح، انك كنت بعيد كل البعد عن السياسة وأحداثها وتطوراتها،
ولم تهتم بها إلا فى يناير 2011 أو بالكثير أوى، من قبلها بكام أسبوع أو كام شهر،
لما صفحات فيس بوك بدأت تسخن الناس .. فهل انت كده فعلاً؟؟ أنا شخصياً ما أعرفش
لكن
أعرف ومتابع ومشارك فى فى معظم التطورات السياسية من الثمانينات .. وأعرف ان
الهتاف بسقوط مبارك كان موجود من سنة 90 تحديداً، أنا بنفسى هتفته وقتها، وقت ما
كان اللى بيعمل كده بيتقال عليه مجنون .. ما شوفتوش فيديو يعنى .. وكان بيزيد فى
أوقات، وبيهدأ فى أوقات .. لحد ما بدأ يأخذ شكل منظم فى 2002 بالتحديد .. ولحد ما
وصلنا لأحداث المحلة فى 2008 لما الموضوع بقى عينى عينك وعلى مستوى كبير .. وفضل
يزيد تدريجياً إلى أن وصل يناير 2011 وخرجت الناس ضد قمع وتعذيب الشرطة .. بنفس
الشعارات والهتافات .. من أول لا للتعذيب، مروراً بلا للتوريث، وصولاً يسقط مبارك
.. هى هى نفسها نفس الشعارات والهتافات وتقطيع الصور المستخدمين فى المسيرات
والمظاهرات السابقة .. والجديد الوحيد فيها، انها جمعت عدد كبير جداً من المنظمات
والجماعات والأحزاب المعارضة على غير العادة .. وهو ما أعطاها الزخم، وما زاد من
قوتها، وما أربك الأمن المركزى، وأوصلنا للنتيجة التى وصلنا لها فى النهاية
هى
دى القصة يا شاطر .. سواء كنت واقف فى التحرير أو ما كنتش .. لازم تشوف الأحداث
بنظرة بانورامية عريضة .. علشان تقدر تشوف أحسن وتفهم أكثر .. وما ينفعش أبداً
وانت تقوم بتحليل لأى حدث، أن تعتمد على حادثة فردية أو على موقف أنى لحظى، ولا أن
تترك نفسك تحت تأثير صريخ وعويل البعض ممن حولك .. ما ينفعش .. كده عمرك ما حتطلع
بتقييم أقرب ما يكون للحقيقة ولا للجدية
إنت
عامل بالضبط زى الجندى فى المعركة، اللى ممكن يوصف حالة الإشتباك اللى هو مشارك
فيه .. لكن ما يقدرش يشوف خريطة الحرب كلها، ولا يعرف إيه اللى بيحصل فى الجبهات
الأخرى منها، ولا يعرف إن كانت الحرب لسه شغالة والا إنتهت .. جيشه انتصر والا
إنهزم .. ما يعرفش .. لأنه مش شايف غير مكانه هو وبس .. فما ينفعش نعتمد على كلامه
ونقول كسبنا الحرب عشان هو قال أنا قتلت عسكرى من الأعداء .. مثلاً يعنى!!
ونرجع ونقول .. أن خلاف الرأى لا يفسد للود القضية ,, لكن ده لو كان خلاف
رأي .. مش رفض لمعلومة!!
لما
أكون بأتكلم عن "معلومة"، وألاقى الطرف الآخر بيكلمنى عن
"رأي" .. ساعتها ممكن أتجنن .. لأن الطبيعى ان المعلومة هى الثابت الذى
لا يمكن الخلاف حوله .. أما الرأي فهو تحليل وإستنتاج ويحتمل كل الأوجه، وتخرج منه
وجهات النظر التى لا أحتد عليها أبداً حتى وإن كنت مختلفاً معها
إذن
.. إحترام الرأى الآخر ووجهة النظر المختلفة شئ .. ورفض المعلومة ومقاوحتها
والتجاوز عنها شئ آخر
بالنسبة
"لوجهة نظرك" فى أحداث الثورة .. ففى البداية كانت هى تقريباً نفس وجهة
نظر الغالبية من الناس على إختلافهم .. لكن بالمراجعة الدقيقة وبقراءة ما بين
السطور لتتابع الأحداث من قبل يناير وبعده .. ظهرت "معلومات" كثيرة كنا
نجهلها فى خضم الأحداث وقتئذ .. وبات على العقلاء أن يستدركوا الموقف، وأن يراجعوا
حساباتهم بغية المصلحة العامة، والبعد عن الإصرار العنيد والكِبر والعواطف، لأن
الظرف لا يتحملهم، والوقت يجرى بسرعة مذهلة، ووجب على الجميع إنقاذ ما يمكن إنقاذه
.. ليس من خلال وجهات النظر، وإنما من خلال المعلومات الأكيدة
الكثير
من تسجيلات الـ يو تيوب لمفكرين وباحثين وخبراء من جنسيات عديدة .. كلها تؤكد
وتثبت بالدلائل والبراهين القاطعة، أن ما حدث ويحدث فى مصر وفى سورية وفى ليبيا
وفى اليمن وحتى فى تونس .. كله بدون إستثناء ليس سوى تنفيذاً لمخطط مرسوم بعناية،
ويتم تنفيذه بدقة، ويُستخدم فيه أبناء الشعوب العربية أنفسهم، الذين كانوا مغيبين
سياسياً تماماً لأكثر من أربعين عاماً مضت، فيتأثرون ـ ولهم العذر ـ بكل المشاهد
والأقوال التى تحرك مشاعر الحجر
هل
تعلم مثلاً .. وأعلم مسبقاً أنك لن تصدق بسهولة بل وقد تسخر من الكلام .. أن أكثر
من نصف الصفحات والمواقع التى أثرت فينا جميعاً ودفعتنا كلنا لتأييد الثورة
والخروج للشوارع، أنها ليست صفحات ولا مواقع مصرية ولا حتى عربية؟؟ وأنهم حين
كانوا يقولون أنها "أجندات وفئات مندسة" وكنا نسخر منهم ـ وأنا ممن
سخروا حينها ـ كانوا على حق بالفعل؟
الكل
يطالب بتصحيح مسار الثورة .. لكن كيف؟ هذا هو السؤال!
وقبل
المطالبة بتصحيح مسارها .. لنعرف أولاً ماذا كانت أهدافها!
شعارها
كان: عيش ـ حرية ـ عدالة إجتماعية
أسلوبها
كان: سلمية ـ سلمية
هدفها
الرئيسى كان: وقف التعذيب على يد قوات الشرطة
وبعد
تطور الأمور صار: محاكمة وزير الداخلية ـ إقالة رئيس الوزراء وكل وزارته ـ إلغاء
نتيجة إنتخابات مجلس الشعب ـ وقف مخطط التوريث ـ تعديل وإلغاء بعض البنود الفاسدة
فى الدستور ـ محاكمة رؤوس الفساد ـ إطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية ـ تعيين
نائب لرئيس الجمهورية ـ إلغاء دور لجنة السياسات فى الحزب الوطنى ـ وأخيراً؛ رحيل
مبارك
بهذا
الشكل .. توافق الشعب كله ـ أو معظمه للدقة ـ وشارك فى أعظم وأجمل ثورة شعبية فى
التاريخ
المثير
والملفت للنظر والذى يجب الوقوف عنده كثيراً هو؛ قبول مبارك لكل هذه المطالب فى
خطابه الأخير .. قبلها كلها .. بل أكثر من هذا .. عين عمر سليمان نائباً لرئيس
الجمهورية، وأحمد شفيق رئيساً للوزراء، وهما الشخصان اللذان كان يطالب بهما
(بالإسم) معظم المعارضين منذ عام 2004 وحتى فبراير 2011 !! والمدهش .. أن كل
المذيعين فى كل القنوات التليفزيونية، لحظة إعلان الخبر، ومعهم الغالبية الساحقة
من الشعب، بل حتى من داخل ميدان التحرير نفسه .. هللوا للخبر، ورضوا بما تحقق ..
لكن .. بعد أقل من 5 دقائق .. ظهرت نوارة نجم على شاشة الجزيرة مباشر .. وقالت
كلامها الشهير وهى تصرخ، بأنها لا تصدق مبارك، وأنه يظن أنه بخطابه هذا سيؤثر على
مشاعرنا .. ولن نرحل حتى يرحل هو .. إلخ إلخ
بعدها
مباشرةً .. تغير حال ميدان التحرير الذى لم يكن يشاهد سوى قناة الجزيرة!! وبشكل
وضح أنه مدبر، أتت الجزيرة بمتحدثين يقولون نفس الكلام واحداً تلو الآخر ـ والزن
عالودان أمر من السحر ـ فتحول موقف الميدان، وكل الميادين للمطالبة برحيله فوراً
ورفض كل إستجاباته لمطالبهم الأساسية!!
ورحل
هو غير مأسوف عليه ..
وكان
من المفترض أن يرحل الناس من الميدان بعد أن تحققت لهم كل المطالب .. لكن .. أبى
البعض أن يرحلوا!!
ومن
هم؟ ولماذا رفضوا؟ وماذا يريدون؟
هذا
هو ما بدأ فى الوضوح تباعاً .. حتى وصلنا لما نحن فيه الآن من فوضى عارمة .. بزعم
.. تصحيح مسار الثورة!!
طبعاً
لا يجب أبداً أن نغفل أحداث ليبيا واليمن والبحرين وسورية، ولا يجب أن ننسى تقسيم
السودان، ولا يجب أن ننسى عناصر كثيرة دولية، لفهم الصورة بشكل أوضح .. لكن .. كل
هذا لا يهم البعض .. المهم عندهم هو شعار الثورة مستمرة، ولا صوت يعلو فوق صوت
الثورة، والثورة تأمر والشعب يطيع، وكل هذا التخلف السياسى الغير مسبوق، والذى ان
استمر سيؤدى بنا جميعاً إلى الجحيم .. لكنهم لا يريدون أن يفهموا ولا حتى أن
يعرفوا .. ويتفننون فى السخرية والتهكم من كل نداء تحذيرى
***
والموضة الجديدة التى يتلوكها محدثو السياسة .. أقصد ثوار 25 يناير .. أنهم يطالبون بتنحى المجلس الأعلى الأعلى للقوات المسلحة!! أه والله بحق وحقيقى مش نكتة .. فعلاً يطالبون بكده!!
وأحاول أنا أن أهدأ وأستمر فى معاملتهم معاملة الأطفال وأرد:
يعنى إيه يتنحى المجلس العسكرى؟ ده عشم إبليس فى الجنة، أو بمعنى أصح، ده عشم إسرائيل وأمريكا والبرادعى و6 ابريل وكل مهابيل السياسة الجدد اللى مبوظين عقول بعض الشباب، هذا البعض من الشباب اللى قبل يناير بساعة، كانت آعظم إهتماماتهم الخاصة بالبلد، هى تشجيع المنتخب، وفجأة لقوا الناس بتقول عليهم ثوار .. فاستحلوها وعاشوا فى الدور .. إنما المجلس باقى لحين تسليم السلطة دستورياً فى الميعاد الذى حدده المجلس .. شاءوا هم أو رفضوا .. ضغطت أمريكا أو ما ضغطتش .. لسبب بسيط/ وهو أنه مجلس ينتمى للبلد وولاؤه الوحيد للبلد، وشارب من ثقافة البلد .. ومدعوم من ناس البلد ..مش كده والا إيـــــــــــــــــه يا ثوار !!!!